في ( معنى ) قولهم : جمعة مباركة !، هل يجعلونها ( فعلا ) جمعة مباركة ؟ أم يكتفون ( بترديد ) جمعة مباركة ؟ لننظر إذن في هذا الأمر نظرة عملية تدينية وليس فقط نظرة تنظيرية كلامية ، فنقول وبالله التوفيق
أولا : هذا القول – جمعة مباركة – لم يرد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، و لم يرد عن أحد من الصحابة والتابعين – فيما أعلم – للتعبير عن أهمية وبركة يوم الجمعة ، رغم كثرة الأقوال الواردة في قيمة وأهمية يوم الجمعة باعتباره العيد الأسبوعي – إن جاز القول – للمسلمين . وهذا القول ( جمعة مباركة ) بدعة محدثة ، والأولى تركها ، لئلا تصير من السنة بشبهة ترديدها بين المسلمين في هذا العصر
ثانيا : كثير من المسلمين الفيسبوكيين في ( المجال الافتراضي ) دون ( الواقع العملي ) يرددون هذا القول بشكل تلقائي تكراري باعتباره تهنئة أو دعاء أو تمني لتحقق ( بركة ) يوم الجمعة ، دون أن يُفعّلوا دورهم ( العملي التديني ) في جعل يوم الجمعة مباركا في التدين والالتزام . ثم يغلبهم الكسل والراحة باعتبار يوم الجمعة ( أجازة من الشغل ) فيكملوا الراحة حتى عن أداء مسنونات ومستحبات ومندوبات يوم الجمعة
ثالثا : لن يكون يوم الجمعة مباركا عند الفرد والمجتمع المسلم بمجرد ترديد هذا القول – جمعة مباركة – على سبيل التمنى أو الدعاء . وإنما لابد من ( الأداء العملي ) لما يجعل يوم الجمعة مباركا على الفرد والمجتمع المسلم خاصة والمجتمع المصري عامة
رابعا : يبدأ تحصيل بركة يوم الجمعة من ( ليلتها ) ! ، فليلة الجمعة المباركة تبشر بنهار جمعة مبارك . وأول تحصيل بركة ليلة الجمعة يكون بالاستيقاظ قبل صلاة فجر الجمعة وصلاة ركعتين تهجد على الأقل لقيام الليل ، ثم أداء صلاة الفجر والصبح ، وقراءة الأذكار . ثم الاجتهاد في أداء ( مسنونات ومندوبات ومستحبات ) نهار يوم الجمعة قبل صلاة الجمعة وبعدها
خامسا : إن أداء ما هو ( مسنون أو مندوب ومستحب ) يوم الجمعة مع الأمور العملية الأخرى ، هو الذي يجعلها جمعة مباركة فعلا ، وليس مجرد ترديد قول ( جمعة مباركة ) أو مجرد كتابة هذا القول في رسائل ( مزركشة ملونة ) وإرسالها إلى جميع الأصدقاء بضغطة زر كيبوردية
سادسا : إن أهم سنن ومندوبات ومستحبات يوم الجمعة هو ما يلي :
1- الغُسل ، وتحسين الهيئة ( الخارجية والداخلية ) للمسلم الذي يحضر صلاة الجمعة
2- قراءة سورة الكهف ، والتفكر في معانيها ، ومحاولة تمثّل ما فيها من قيم حياتية وفكرية وعلمية
3- كَثْرةُ الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، والقراءة في السيرة النبوية باعتبار ذلك مما يناسب كثرة الصلاة على صاحب السيرة العطرة
4- كَثرةُ الدعاء طول يوم الجمعة للنفس وللآخرين باعتبار أن في يوم الجمعة ساعة تستجاب فيها الدعوة بالخير للجميع ، وكثرة الاستفغار
5- التخلق ( بخلق التعامل الصحيح ) في هذا اليوم مع الناس جميعا ومع أفراد المجتمع الإسلامي وتحري أحوالهم ومحاولة المشاركة معهم في تخفيف أعبائهم المادية أو تحري سوء ظروفهم الحياتية ، وعلى الأقل ( مشاركتهم وجدانيا ) بالسؤال عنهم والاطمئنان عليهم
سابعا : من أدّى هذه الأمور السابقة أو أغلبها هو الذي يحق له أن يقول ( جمعة مباركة ) ، باعتبار أنه هو الذي جعلها مباركة فعلا ، جمعة مباركة على نفسه وعلى غيره في مجتمعه . أما من لم يؤد شيئا من ذلك فإنه عندما يقول ذلك القول إنما ( يخدع نفسه ) ويوهم الآخرين ببركة لم ولن تتحقق أبدا بمجرد تحريك اللسان أو تمني القلب والوجدان