جاءت استقالة سعد الحريري من رئاسة الحكومة اللبنانية في وقت كانت قد أخذت تتجمع فيه عناصر مواجهة رافضة للقواعد والأسس التي كان يجري فرضها لتسوية الأزمة السورية من جانب روسيا وحلفاءها: إيران والرئيس السوري بشار الأسد وحزب الله (اللبناني)، عبر مسارين بديلين للتسوية الدولية لهذه الأزمة: مسار أستانة الذي هندسته روسيا بالتعاون مع إيران وتركيا كدولتين ضامنتين للنظام السوري من ناحية والفصائل المعارضة من ناحية أخرى عقب انتصارات هذا التحالف في معارك حلب التي كانت بمثابة مفتاح الحل السياسي البديل لما تريده روسيا. والمسار الثاني هو الذي كانت موسكو تُعد لانعقاده في قاعدتها الجوية في سوريا “قاعدة حميميم” تحت مسمى “مؤتمر شعوب سوريا” ثم غيرت المكان وغيرت الآسم ليعقد في “منتجع سوتشي” الروسي على شاطئ البحر الأسود تحت مسمى “مؤتمر الحوار الوطني” حسب ما جاء على لسان إلكسندر لافرنتييف رئيس الوفد الروسي في محادثات أستانة “لاعتبارات ضمان أمن جميع المدعوين، بمن فيهم ممثلو المعارضة المسلحة”. وكانت وكالة “فوفستي” الحكومية الروسية قد نقلت عن مصدر مطلع أن الدعوات ستوجه إلى ممثلين عن الحكومة السورية والقوى الموالية لها، وإلى الفصائل المعارضة، إضافة إلى ممثلين عن مكونات قومية ودينية سورية، كما أفادت بأن منظمي هذا المؤتمر المقرر أن يعقد قبل مؤتمر جنيف المقبل في 28 نوفمبر الجاري يبحثون عن أفضل الخيارات لإنجاح فكرة جمع مكونات الشعب السوري في مؤتمر شامل لمناقشة المصالحات ومناقشة مسودة دستور جديد لسوريا، كما أفادت بأن موسكو عرضت على المبعث الدولي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا تولي عملية التنظيم والإدارة لهذا المؤتمر، لكنه اعتذر عن عدم القيام بدور تنظيمي، وطرح شروطاً للحضور بصفة “مراقب” بينها الحصول على ضمانات روسية تؤكد أن الرئيس السوري بشار الأسد ملتزم بالبحث عن سبل للمصالحة الوطنية.
كان واضحاً من هذه الترتيبات ومن الانتصارات التي يحققها الجيش السوري عسكرياً بدعم روسي وبدعم من القوى الحليفة خاصة في غوطة دمشق وفي دير الزور شمال سوريا على حساب تنظيم “داعش” الإرهابي إن روسيا وحلفاءها عازمون على فرض قواعد اللعبة جديدة في سوريا تعبر عن التغيرات التي حدثت ميدانياً في ميزان القوة العسكرية، وأن مؤتمر “أستانة- 7” الذي عقد في العاصمة الكازاخستانية يومي 30 و31 أكتوبر الفائت، والمؤتمر السياسي الكبير الذي تعد له روسيا لينعقد في سوتشي أو في قاعدتها الجوية في حميميم بسوريا يستهدفان تكريس وفرض تسوية للأزمة السورية تعبر عن واقع توازن القوى الفعلي، أي واقع انتصار النظام السوري وحلفاءه: روسيا وإيران وحزب الله، وسحب البساط من مؤتمر جنيف الدولي المقرر أن يعقد في 28 نوفمبر الجاري، أو على الأقل جعل هذا المؤتمر إطاراً دولياً للتصديق على ما سيتم تحقيقه من نجاحات في المؤتمر الروسي البديل، ومن ثم إعلان انتصار روسيا والنظام السوري وحزب الله، بكل ما يمكن أن يحدثه هذا الإقرار من تداعيات هائلة على صعيد توازن القوى الإقليمي وبالذات المواجهة الإسرائيلية- الإيرانية في ظل الإدراك الإسرائيلي أن أي وجود عسكري ونفوذ سياسي قوي لإيران في سوريا يعد تهديداً وجودياً للأمن القومي الإسرائيلي، وعلى صعيد المواجهة المتفجرة بين الولايات المتحدة وإيران التي صعدها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ضد الاتفاق النووي الموقع مع إيران من جانب الولايات المتحدة والقوى الدولية الكبرى، وضد برنامج التسلح الصاروخي الباليستي الإيراني، وضد سياسة التدخل الإيرانية في الشئون الإقليمية، وعلى صعيد التوازنات السياسية داخل العديد من الدول العربية وفي المقدمة منها لبنان.
في الأسبوع الماضي وبالتحديد في 26 أكتوبر الفائت عبر وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون عن مؤشرات رفض أمريكي للإقرار بهذا الأمر الواقع وبقواعد هذه اللعبة التي تسعى موسكو إلى فرضها في سوريا، فعقب لقاء له مع المبعوث الأممي للأزمة السورية ستيفان دي ميستورا في جنيف قال تيلرسون أن بلاده “تريد أن تكون سوريا موحدة من دون وجود دور لبشار الأسد في الحكومة”، وأن “عهد أسرة الأسد يقترب من نهايته والقضية الوحيدة (الآن) هي كيف يمكن تحقيق ذلك”. معنى هذا أن واشنطن، حتى ذلك الوقت، لم تكن قد حسمت أمرها حول كيفية الخلاص من بشار الأسد، وهذا بدوره يعكس قدراً من الغموض وقدراً من التردد في الموقف والسياسة الأمريكية بدليل أن تيلرسون نفسه أكمل في الحديث المشار إليه وطرح نوعاً من الإجابة التي اعتبرها البعض (باهتة ومهزوزة وضعيفة) عندما أوضح أن “أي خروج للأسد يجب أن يتم من خلال عملية محادثات جنيف”، لكنه أكمل أن مغادرته “ليست شرطاً مسبقاً لبدء هذه العملية”، أي ليست شرطاً من شروط واشنطن للتسوية التي سوف يسفر عنها مؤتمر جنيف القادم. وكان تيلرسون قد طالب في الرياض بحضور رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي والعاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز (22/10/2017) بانسحاب “كل المقاتلين الأجانب من العراق، خصوصاً الميليشيات الإيرانية، بما أن المعركة ضد تنظيم (داعش) شارفت على نهايتها”.
سؤال تيلرسون عن: كيف يمكن إنهاء حكم آل الأسد بما يعنيه من فرض قواعد لعبة جديدة في سوريا مخالفة لكل ما تريد أن تفرضه روسيا وحلفاءها حظي باهتمام كبير من جانب أوساط أمريكية وأخرى إسرائيلية وكذلك أوساط عربية تستشعر الخطر من انتصار التحالف الروسي- الإيراني في سوريا، وظهرت العديد من الاجتهادات التي ترى أن المواجهة مع المشروع يمكن أن تأخذ ثلاثة خيارات: خيار الحرب المباشرة في سوريا سواء كانت حرباً أمريكية، أو أمريكية – إسرائيلية، أو خيار الحرب على الميليشيات التابعة لإيران في العراق وسوريا ولبنان واليمن، أو خيار العقوبات الاقتصادية، التي أدركت أن معظم الأطراف المتضررة أن واشنطن مازالت أسيرة لها، سواء كانت العقوبات ضد إيران وضد حزب الله، أو حتى ضد روسيا نفسها، وهي خيار ضعيف لن يؤثر ولن يغير في المعادلة المفروضة
كان واضحاً من هذه الترتيبات ومن الانتصارات التي يحققها الجيش السوري عسكرياً بدعم روسي وبدعم من القوى الحليفة خاصة في غوطة دمشق وفي دير الزور شمال سوريا على حساب تنظيم “داعش” الإرهابي إن روسيا وحلفاءها عازمون على فرض قواعد اللعبة جديدة في سوريا تعبر عن التغيرات التي حدثت ميدانياً في ميزان القوة العسكرية، وأن مؤتمر “أستانة- 7” الذي عقد في العاصمة الكازاخستانية يومي 30 و31 أكتوبر الفائت، والمؤتمر السياسي الكبير الذي تعد له روسيا لينعقد في سوتشي أو في قاعدتها الجوية في حميميم بسوريا يستهدفان تكريس وفرض تسوية للأزمة السورية تعبر عن واقع توازن القوى الفعلي، أي واقع انتصار النظام السوري وحلفاءه: روسيا وإيران وحزب الله، وسحب البساط من مؤتمر جنيف الدولي المقرر أن يعقد في 28 نوفمبر الجاري، أو على الأقل جعل هذا المؤتمر إطاراً دولياً للتصديق على ما سيتم تحقيقه من نجاحات في المؤتمر الروسي البديل، ومن ثم إعلان انتصار روسيا والنظام السوري وحزب الله، بكل ما يمكن أن يحدثه هذا الإقرار من تداعيات هائلة على صعيد توازن القوى الإقليمي وبالذات المواجهة الإسرائيلية- الإيرانية في ظل الإدراك الإسرائيلي أن أي وجود عسكري ونفوذ سياسي قوي لإيران في سوريا يعد تهديداً وجودياً للأمن القومي الإسرائيلي، وعلى صعيد المواجهة المتفجرة بين الولايات المتحدة وإيران التي صعدها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ضد الاتفاق النووي الموقع مع إيران من جانب الولايات المتحدة والقوى الدولية الكبرى، وضد برنامج التسلح الصاروخي الباليستي الإيراني، وضد سياسة التدخل الإيرانية في الشئون الإقليمية، وعلى صعيد التوازنات السياسية داخل العديد من الدول العربية وفي المقدمة منها لبنان.
في الأسبوع الماضي وبالتحديد في 26 أكتوبر الفائت عبر وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون عن مؤشرات رفض أمريكي للإقرار بهذا الأمر الواقع وبقواعد هذه اللعبة التي تسعى موسكو إلى فرضها في سوريا، فعقب لقاء له مع المبعوث الأممي للأزمة السورية ستيفان دي ميستورا في جنيف قال تيلرسون أن بلاده “تريد أن تكون سوريا موحدة من دون وجود دور لبشار الأسد في الحكومة”، وأن “عهد أسرة الأسد يقترب من نهايته والقضية الوحيدة (الآن) هي كيف يمكن تحقيق ذلك”. معنى هذا أن واشنطن، حتى ذلك الوقت، لم تكن قد حسمت أمرها حول كيفية الخلاص من بشار الأسد، وهذا بدوره يعكس قدراً من الغموض وقدراً من التردد في الموقف والسياسة الأمريكية بدليل أن تيلرسون نفسه أكمل في الحديث المشار إليه وطرح نوعاً من الإجابة التي اعتبرها البعض (باهتة ومهزوزة وضعيفة) عندما أوضح أن “أي خروج للأسد يجب أن يتم من خلال عملية محادثات جنيف”، لكنه أكمل أن مغادرته “ليست شرطاً مسبقاً لبدء هذه العملية”، أي ليست شرطاً من شروط واشنطن للتسوية التي سوف يسفر عنها مؤتمر جنيف القادم. وكان تيلرسون قد طالب في الرياض بحضور رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي والعاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز (22/10/2017) بانسحاب “كل المقاتلين الأجانب من العراق، خصوصاً الميليشيات الإيرانية، بما أن المعركة ضد تنظيم (داعش) شارفت على نهايتها”.
سؤال تيلرسون عن: كيف يمكن إنهاء حكم آل الأسد بما يعنيه من فرض قواعد لعبة جديدة في سوريا مخالفة لكل ما تريد أن تفرضه روسيا وحلفاءها حظي باهتمام كبير من جانب أوساط أمريكية وأخرى إسرائيلية وكذلك أوساط عربية تستشعر الخطر من انتصار التحالف الروسي- الإيراني في سوريا، وظهرت العديد من الاجتهادات التي ترى أن المواجهة مع المشروع يمكن أن تأخذ ثلاثة خيارات: خيار الحرب المباشرة في سوريا سواء كانت حرباً أمريكية، أو أمريكية – إسرائيلية، أو خيار الحرب على الميليشيات التابعة لإيران في العراق وسوريا ولبنان واليمن، أو خيار العقوبات الاقتصادية، التي أدركت أن معظم الأطراف المتضررة أن واشنطن مازالت أسيرة لها، سواء كانت العقوبات ضد إيران وضد حزب الله، أو حتى ضد روسيا نفسها، وهي خيار ضعيف لن يؤثر ولن يغير في المعادلة المفروضة