لا تفهمونا غلط
تعالت الاصوات وخرجت وسائل اعلامنا تندد وتشجب وتذيع اغاني عن مكانة القدس في قلوبنا ، منها اغنية العظيمة فيروز زهرة المدائن ، ومعها مذيعي قنواتنا بتوع المناسبات لافض فوه كل مناضل منهم مستخدمين العويل والصياح للتعبير عن غضبهم ودعمهم للقدس المغتصب وفلسطين المنكوبة ، واكتملت الصورة بقيام جماهير العالم العربي من رواد الشوشيال ميديا وخاصة الفيس وتويتر بعمل “هاشتاج” القدس عاصمة فلسطين الأبدية احدث طرق الكفاح العربي ، حاملين اغصان الذيتون بعد ان ذبح ترامب الحمامة ، كل هذا يحدث في الوقت الذي صارت فيه القدس عاصمة اسرائيل بقرار احادي امريكي اسرائيلي مخالفا كل الاعراف والقوانين الدولية ، وعبرت الأمم المتحدة الجمعة الماضي خلال جلسة طارئة لمجلس الأمن عن “القلق البالغ ازاء قرار ترامب ” ونقلت وسائل اعلامنا هذا القلق وكمان جامعة الدول العربية عبرت بكل ما تملك من تعبير عن رفض قرار ترامب ، ونحن لا ندرك قيمة مقولة الرئيس الراحل السادات ” مفيش سلام من غير قوة تحميه ” ..فعلا نجيد التهليل ولطم الخدود .. نجيد الندب علي كل غالي نفقده او يضيع منا .. نجيد الحديث عن اننا اصحاب الحضارات والحديث عن العروبة والكرامة والشرف والانتماء والقدوة والمثل ، نجيد الفخر بالماضي دون ان يكون لنا حاضر .. ولا اري لكل هذه الكلمات وجود في حياتنا ، غير انها مفردات مكانها قواميس اللغة وليس واقعنا المرير .. فهي تخدم اقوالا في جمل مبهمه بعيدة عن الافعال ، كفاحنا حنجوريا تخطي كل الحدود ولا اعرف سيصل بنا الي اين ؟.. هكذا نحن العرب .. ضاعت عروبتنا عندما ضاعت هويتنا .. فتهدمت ثقافتنا وانحدراعلامنا ، اعتلت العقول وصارالارهاب والتطرف والتفاهة والسطحية هو المسيطر عليها .. تغيرت ثوابتنا التي كان يجب ان نتمسك بها كعرب ومسلمين نؤمن بالتوحيد وبرسولنا الكريم صلي الله عليه وسلم صاحب القيم والاخلاق فشمائله صلى الله عليه وسلم كثيرة جمعت في قوله تعالي “وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ” صاحب الخلق يجمع كل الصفات الحميدة ، هو معلمنا الاول فلماذا تغيرت اخلاقياتنا و ماتت ثوابتنا ؟..فليس هناك سني وشيعي ولكن هناك مسلم ، ليس هناك فتح وحماس وجهاد وفصائل فلسطينية ولكن كان هناك فلسطيني اغتصبت ارضه وعرضه فصار فدائي يقدم روحه فداء للوطن وكم من ارواح قدمت من اجلك يا فلسطين ومن اجلك يا قدس .. ولكن عندما تحولنا بفعل فاعل وبفكر صهيوني الي مجاهد يوجه سهامه لقلوبنا وفرق ومتاسلمين من دواعش ونصرة وبيت المقدس وجهاد وصرنا فرق وشيع وجهوا اسلحتهم لصدوراخوانهم في الدم والعقيدة فتحولنا جميعا لقابيل وهابيل .. فتجرا علينا كل خسيس وكل مستهدف لارضنا وعرضنا ، اين الانسان العربي ؟ سؤال صعب جدا .. واشكالية تحتاج الكثير من البحث .. والقدس ستعود عندما يعود الانسان العربي بكل ما تحمل كلمة انسان وعربي من صفات افتقدناها .
هناك عملية هدم متعمد لثوابت التاريخ والتكوين للانسان العربي مما جعله يفقد الهوية العربية واهم ركائزها النخوة والجسارة والشجاعة والبطولة والفطنة والكرم والزود عن الديار ، فهناك ارتباط وثيق بين ما يروج له بعض المندسين والمدعين واصحاب الفكر المنحرف ، وما يحدث حاليا علي الساحة العربية ، حالة من الإساءة مع سبق الاصرار والترصد للرمز والبطل القومي والوطني والمناضل ، من يريد قتل المثل والقدوة في نفوسنا ؟ ولماذا يسعي هؤلاء جاهدين مستخدمين كل سبل التوغل في المجتمع وخاصة الاعلام السطحي والاعلامي الغير مثقف الذي يجلس امام هؤلاء يشعر بالابهار والدهشة باحثا عن الاثارة والاعلان وتضليل الشعوب العربية ؟ واكرر جهل بعض اعلامي هذا العصر وسطحيتهم سلاح قتل به الرمز والمثل والقدوة علي جدران اعلام باحث عن الاثارة دون ادراك لحجم المصيبة التي تقدم عبر البرنامج والحوار لمشاهد تم تجهيله عن قصد ، مواطن تاصلت بداخله الاميه والجهل فسهل التاثير فيه ، حتي ولو كان قد حصل علي قدر من التعليم ، وما يحدث الان علي الساحة ليس ببعيد عن هذا الاستهداف الارهابي والتطرف المسلح الذي ينال منا ، الاستهداف الفكري والثقافي قتل متعمد لتاريخنا ، ولابطال قوميين نتفاخر بهم درسنا تاريخهم وشاهدنا اعمالا درامية وسينمائية تتحدث عن بطولاتهم، امثال احمد عرابي وقطز وصلاح الدين الايوبي وانتصاره علي الصليبين في القدس التي ارتبط تحريرها به في عقولنا ووجداننا .. فامريكا تصنع ابطالا لها من ورق وتستخدم السينما والاعلام لتصنع لشعبها القدوة والمثل من خلال شخصيات كرتونية تقدمها لنا في كافة المجالات الحياتية والفنية ، ونحن نهدم ما سطر ووصل الينا من بطولات حتي ولو كانت مذيفة.. اتركوا لنا صلاح الدين كما جاء في فيلم الناصر ليوسف شاهين لعل يخرج لنا من يقتدي به ويعيد لنا القدس ، واخشي ان يخرج علينا من يشككنا في بطل قصة رجل المستحيل للدكتور نبيل فاروق ، فانتقاد يوسف زيدان وتطاوله وسبه لقطز وصلاح الدين يجعلني اخشي علي المغامرون الخمسة من ان يسبهم ويتطاول عليهم .
نحتاج من يغرس البطولة في وجدان الشباب العربي بوجه عام والمصري بوجه خاص ، نحن نفتقد من يقدم لنا القدوة والمثل حتى ولو من واقع الخيال ، وهنا اناشد الدولة لا تسمحوا لمن يهدم قيمنا وتاريخنا وقدوتنا ومثلنا التي تربينا علي امجادها بالتوغل في اعلامنا ، وقدموا لنا علماء العرب ومصر ومبتكريها في شتئ المجالات وما تملكه القوات المسلحة خير اجناد الارض من بطولات الماضي والحاضر في الكتب الدراسية وعبر الدراما والسينما لانهما الاقرب لوجدان الشعب .