في العامين الأخيرين شهدت أسعار النفط الخام انهيار كبير، من سعر فاق 100 دولار للبرميل الى ما دون مستوى 30 دولار، قبل أن يستقر في الأشهر الأخيرة بين مستوى 40 و60 دولار، بعد توقيع اتفاق لخفض الانتاج بين منظمة أوبك وروسيا.
هذا الانخفاض في أسعار النفط (والذي يمكن تداوله عبر شركات الوساطة لتداول السلع من أي مكان في العالم) له تأثير كبير في الحد من تكاليف النقل وأسعار الكهرباء وغيرها من الأعمال. وهبوط أسعار النفط هو في العادة خبر جيد بالنسبة للدول المستوردة للنفط، مثل دول أوروبا الغربية والصين والهند واليابان، إلا أنها أخبار سيئة بالنسبة لمصدري النفط، مثل دول الخليج فنزويلا وروسيا ونيجيريا.
الرسم البياني المرفق من منصة شركة UFX (يو اف اكس) لتداول السلع ، يوضع مسار أسعار النفط على مر السنوات:
تأثير انخفاض أسعار النفط على مستهلكي النفط:
انخفاض أسعار النفط يساعد على خفض تكاليف المعيشة. ستنخفض تكاليف النقل كنتيجة لانخفاض تكاليف البنزين المستخرج من النفط، كما أن أسعار الكهرباء سوف تنخفض.
انخفاض أسعار النقل والطاقة، سيقلص كثيرا من تكاليف الانتاج وبالتالي يؤدي الى انخفاض أسعار المنتجات والخدمات وبالتالي انخفاض تكاليف المعيشة وزيادة الانفاق والاستهلاك المحلي.
وفي بلد مثل الولايات المتحدة الأمريكية الذي يمثل فيه الاستهلاك المحلي أكثر من 75% من الدخل الوطني الخام، فان ارتفاع معدل الاستهلاك أمر ضروري جدا لتحريك الاقتصاد.
انخفاض أسعار السلع والخدمات يعني انخفاض معدل التضخم، فانخفاض أسعار النفط هو أحد الأسباب وراء تراجع التضخم في المملكة المتحدة إلى 0٪، طبعا انخفاض الشديد في معدل التضخم يمكن أن يؤثر سلبا على الاقتصاد، لذلك فان أغلب البنوك المركزية في العالم تضع هدف 2% كمعدل مثالي لتضخم.
مع الركود في نمو الأجور الحقيقية، هذا الانخفاض في تكلفة المعيشة هو امر مهم لإعطاء المستهلكين المزيد من الدخل التقديري (المزيد من الدخل للإنفاق).
انخفاض أسعار النفط يشبه خفض الضرائب ومن الناحية النظرية، يمكن أن يؤدي هبوط أسعار النفط إلى زيادة الإنفاق على السلع والخدمات الأخرى ويعتبر إضافة إلى الناتج المحلي الخام.
انخفاض قيمة الواردات النفطية، من شأنه أن يخفض العجز في الحساب الجاري لدى البلدان المستوردة للنفط، وهذا أمر مهم بالنسبة لدولة مثل الهند التي تستورد 75٪ من استهلاكها من النفط، ولها حاليا عجز كبير في الحساب الجاري.
في المقابل، بالنسبة للدول المصدرة للنفط، فإن انخفاض أسعار النفط سوف يؤدي عكس ذلك إلى تخفيض قيمة صادراتهم والتسبب فإحداث عجز في الميزان المدفوعات.
وتعد المملكة المتحدة حاليا مستوردا صغيرا للنفط، وبالتالي سيكون تأثير تحركات أسعار النفط محدود على الحساب الجاري في المملكة المتحدة.
التأثير على منتجي النفط:
وبالنسبة لمصدري النفط، فإن انخفاض أسعار النفط يمثل أخبار سيئة. ويعتمد العديد من البلدان المصدرة للنفط على عائدات الضرائب من إنتاج النفط لتمويل الإنفاق الحكومي.
على سبيل المثال، تحصل روسيا على 70٪ من جميع عائدات الضرائب من النفط والغاز. ومن شأن انخفاض أسعار النفط أن يؤدي إلى عجز في ميزانية الحكومة، وسيتطلب إما ضرائب أعلى أو تخفيضات في الإنفاق الحكومي.
وتعتمد البلدان المصدرة للنفط الأخرى مثل فنزويلا على عائدات النفط لتمويل الإنفاق الاجتماعي السخي. ويمكن أن يؤدي انخفاض أسعار النفط إلى عجز كبير في الميزانية ومشاكل اجتماعية.
أما البلدان الأخرى المصدرة للنفط، مثل المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، فقد أنشأت احتياطيات كبيرة من العملات الأجنبية؛ فإنها يمكن أن تتحمل انخفاضات مؤقتة في أسعار النفط لأن لديها احتياطيات كبيرة. ولكن ليس لفترة طويلة من الزمن.
الآثار الاقتصادية الأخرى لانخفاض أسعار النفط:
انخفاض ربحية مصادر الطاقة البديلة. ويرجع جزء من هبوط أسعار النفط إلى دول الأوبك مثل المملكة العربية السعودية التي كانت ترغب في حماية أسواقها النفطية وعدم فقدان حصتها في السوق إلى شركات النفط الصخري وغيرها من مصادر الطاقة البديلة.
وقد يؤدي انخفاض أسعار النفط إلى تقليص الاستثمارات في أشكال بديلة وصديقة للبيئة من الطاقة، مثل السيارات الكهربائية. كما يمكن أن يؤدي إلى عكس اتجاه الانخفاض المسجل في استخدام السيارات، مما يؤدي إلى زيادة مطردة في الازدحام المروري والتكاليف البيئية لاستخدام البنزين.