الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد/ من هو النبي؟! سؤال يجدر بكل مسلمٍ أن يطرحه على نفسه، ثم يبحث ويفتش عمَّا يملكه في جعبته ليتمكن به من الإجابة على هذا السؤال، وللأسف سيكون الناتج مريرًا ومؤلمًا عند كثير من المسلمين إلا من رحم ربي. والجواب باختصار: أما عن اسمه… فهوُ محُمَّدٌ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ابْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ قُصَيِّ بْنِ كِلَابِ بْنِ مُرَّةَ بْنِ كَعْبِ بْنِ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبِ بْنِ فِهْرِ بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّضْرِ بْنِ كِنَانَةَ بْنِ خُزَيْمَةَ بْنِ مُدْرِكَةَ بْنِ إِلْيَاسَ بْنِ مُضَرَ بْنِ نِزَارَ بْنِ مَعَدَّ بْنِ عَدْنَانَ. وأما عن رسمه… فهذه أم معبد الخزاعية تصف رسول الله صلى الله عليه وسلم فتقول: (رَأَيْتُ رَجُلًا ظَاهِرَ الْوَضَاءَةِ – الحُسْن والنظافة والبهجة -، أَبْلَجَ الْوَجْهِ – مشرق الوجه -، حَسَنَ الْخَلْقِ، لَمْ تَعِبْهُ ثجْلَةٌ – كبر البطن -، وَلَمْ تُزْرِ بِهِ صَعْلَةٌ – صغر الرأس -، وَسِيمٌ قَسِيمٌ – كل موضع منه أخذ قسمًا من الجمال -، فِي عَيْنَيْهِ دَعَجٌ – شدة سواد العين وشدة بياضه -، وَفي أَشْفَارِهِ وَطَفٌ – في شعر أجفانه طول -، وَفِي صَوْتِهِ صَهَلٌ – قوة وصلابة -، وَفي عُنُقِهِ سَطَعٌ – ارتفاع وطول -، وَفِي لِحْيَتِهِ كَثَاثَةٌ – كثافة -، أَزَجُّ أَقْرَنُ – حاجباه مقوسان ملتقيان “وفي القَرَن خلاف”
إِنْ صَمَتَ فَعَلَيْهِ الْوَقَارُ، وَإِنْ تَكَلَّمَ سَمَاهُ وَعَلاهُ الْبَهَاءُ، أَجْمَلُ النَّاسِ وَأَبْهَاهُ مِنْ بَعِيدٍ، وَأَحْلاهُ وَأَحْسَنُهُ مِنْ قَرِيبٍ، حُلْوُ الْمَنْطِقِ، فَصْلٌ لا نَزْرٌ وَلا هَذْرٌ – كلامه واضح لا بالقليل ولا الكثير -، كَأَنَّ مَنْطِقَهُ خَرَزَاتُ نَظْمٍ – خرزات عقد – يَتَحَدَّرْنَ، رَبْعٌ – لا بطويل ولا بقصير – لَا تَشْنَؤُهُ – تبغضه – مِنْ طُولٍ، وَلا تَقْتَحِمُهُ – تحتقره – عَيْنٌ عَنْ قِصَرٍ، غُصْنٌ بَيْنَ غُصْنَيْنِ فَهُوَ أَنْضَرُ الثَّلاثَةِ مَنْظَرًا وَأَحْسَنُهُمْ قَدْرًا، لَهُ رُفَقَاءُ يَحُفُّونَ بِهِ، إِنْ قَالَ أَنْصَتُوا لِقَوْلِهِ، وَإِنْ أَمَرَ تَبَادَرُوا إِلَى أَمْرِهِ، مَحْفُودٌ – يخدمه أصحابه ويسارعون له – مَحْشُودٌ – يحتشد أصحابه ويجتمعون له -، لا عَابِسٌ وَلا مُفْنِدٌ – لا كريه الملقى ولا ضعيف العقل ذي خرف -).
وأما عن وسمه… فعَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، قَالَ: لَقِيتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، فَقُلْتُ: أَخْبِرْنِي عَنْ صِفَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي التَّوْرَاةِ، قَالَ: فَقَالَ: (أَجَلْ وَاللَّهِ، إِنَّهُ لَمَوْصُوفٌ فِي التَّوْرَاةِ بِبَعْضِ صِفَتِهِ فِي الْقُرْآنِ: “يَأَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا”، وَحِرْزًا لِلأُمِّيِّينَ، أَنْتَ عَبْدِي وَرَسُولِي، سَمَّيْتُكَ الْمُتَوَكِّلَ، لَيْسَ بِفَظٍّ وَلا غَلِيظٍ، وَلا سَخَّابٍ فِي الأَسْوَاقِ، وَلا يَدْفَعُ بِالسَّيِّئَةِ السَّيِّئَةَ، وَلَكِنْ يَعْفُو وَيَغْفِرُ، وَلَنْ يَقْبِضَهُ اللَّهُ تَعَالَى حَتَّى يُقِيمَ بِهِ الْمِلَّةَ الْعَوْجَاءَ، بِأَنْ يَقُولُوا: لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، وَيَفْتَحُوا بِهَا أَعْيُنًا عُمْيًا، وَآذَانًا صُمًّا، وَقُلُوبًا غُلْفًا). وحسبه وصف ربه: “وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ “. وختامًا… رسول الله صلى الله عليه وسلم هو أحب خلق الله إلى الله، وأكرم خلق الله على الله، كما قال ابن عباس رضي الله عنهما: (مَا خَلَقَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَلا ذَرَأَ وَلا بَرَأَ نَفْسًا أَكْرَمَ عَلَيْهِ مِنْ مُحَمَّدٍ صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَا سَمِعْتُ اللَّهَ أَقْسَمَ بِحَيَاةِ أَحَدٍ إِلا بِحَيَاتِهِ، قَالَ: “لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ”).
فهذه قطرةٌ من بحرِ دُرِّ صفاته، وقبل أن تحتفل بمولده وبدء حياته، تعلَّم وعّلِّم كلَّ شيءٍ عن أخلاقه وسماته، وسيرته وزوجاته، وأبنائه وبناته، وكراماته ومعجزاته، ومعاركه وغزواته، ثم كن سائرًا على نهجه وخطواته، وأكثر عليه من صلوات الله وسلاماته “إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا”.