ظاهرة أضحت في السنوات الأخيرة محل إهتمام كثير من الباحثين في علوم الإتصال الجماهيري في العالم العربي تتمثل في وجود خلل ما في عملية مخاطبة الآخر بمعنى اننا نظل آسرى رد الفعل لما يقال عنا او ما ينقل منا في وسائل الإعلام الأجنبية وندور داخل دائرة تأثير فضاءاتنا العربية فقط بعبارة آخرى نحسن مخاطبة أنفسنا من خلال حوارات برامج (التوك شو ) وغيرها ونادرا ما نجد إجادة مخاطبة الآخر بلغاته وعبر وسائل إتصال مباشرة و مؤثرة موجهة إليه وحتى اذا حاولنا فإن رسائلنا التي تستهدف فكر وعقل الأخر تضل طريقها في الأغلب ولا تصل إليه إلا فيما ندر! وتعريف هذا الآخر هو كل من لا يتحدث اللغة العربية وترسخ في إطاره المرجعي صورة ذهنية للامة العربية و تحتاج لتعديل في الشكل والموضوع خاصة قد يكون لحقها تشويه متعمدا او يكون جاء نتاج تقصير من جهتنا في تقديم أنفسنا لغيرنا ومن ثم يفرض الوصول للأخر تصورا مشتركا او رؤية جديدة تتناول التعامل مع هذا الاخر وتخرج من شرنقة البيات العربي – اذا جاز التعبير – وتنفتح على افكاره وتتفاعل مع معطياته من خلال مد ( جسور ) إعلامية تترجم هذه الرؤية الى مهام طموحة تنقل وجهة النظر العربية في الامور التي تفرض مواجهة الفكر بالفكر وتعمل على تصحيح ما يسميه علماء السلوك البشري ب ( الصورة القومية ) أي الصورة الذهنية الموجوده عنا في عقل الاخر ! وعلى الرغم اننا نعيش في القرن الحادي والعشرين هناك في عالم اليوم من لا يعرف عن العرب سوى الجمل والعقال والهرم ويخلطون بين العرق العربي والايراني والباكستاني .
وكنت قد زرت ألمانيا عام 1979 اي بعد وفاة جمال عبد الناصر بحوالي تسع سنوات والتقيت بسيدة ألمانية مسنة سألتني عن جنسيتي قلت ” مصري ” فقالت لي ” ناصر ” ثم اردفت بعمل إشارة التكبير في الصلاة وقالت ” الله اكبر ” وتدل هذه الواقعة على ان هناك إشارات تنطبع في الذهن ولا تتغير بمرور الزمن واراها إشارات إيجابية ومع هذا قد ترسخ إشارات سلبية عن صورتنا الذهنية ما يتطلب ان تكون هناك متابعة لها حيث نؤكد أنها في عقولهم عام 2018 يجب ان تكون قد تغيرت لأنه حدثت بالفعل تغييرات جذرية في حياتنا العربية بين التاريخين المذكورين وهناك من يحتفظ بالصورة التقليدية للشخصية العربية حتى الآن وهي اكثر ايجابية من الصورة الحديثة لاننا عجزنا عن مخاطبة الآخر من اجل تحسين صورتنا وتجنب الانطباعات الخاطئة عن هويتنا ولم نستفد من الثورة التقنية في مجال الاتصال لحل اشكالية مخاطبة الاخر رغم اننا نمتلك كل التقنيات الحديثة في هذا المجال .
مما تقدم يصبح من الضروري العمل على خلق ثقافة عربية تعنى باساليب مخاطبة الاخر من خلال الاتصال المباشر في دول ومجتمعات تعاني من شح المعلومات الصحيحة عن العالم العربي او من خلال توظيف حقيقي لوسائل الاعلام الموجهه لمن لا يتحدثون اللغة العربية او لا يتعاطون مع الثقافة العربية على نحو سوي !!