مشكلتها الصغرى أنها جميلة.. لكن مشكلتها الكبرى أنها قوية الشخصية.. مع أنها تخفض جناحها كثيرا لمن يحاورها.. إلا قليلا..! يمضي بها قطار العمر.. وما بين محطة وأخرى تسَّاقط أوراقها الخضراء.. مع أنها من شجرة دائمة الخضرة! مشكلتها المقدرة عليها، نابعة من المؤثرات الاجتماعية التي تشكلت فيها.. فهي تعمل في عالم المال والأعمال.. الذي يحتكره الرجال تقريبا، ولم يتحسبوا أن المرأة، ذلك الكائن الجميل وذات الأظافر الطويلة، ستتسلل إلى دنيا الاقتصاد والاستثمار والبورصة والأوراق المالية. النظرة إليها متباينة.. غير متناغمة.. الكثيرون يخشون الاقتراب منها ومن عالمها الخاص.. ليس لأنها ضربت عليه ستارًا، وكتبت عليه شعار «ممنوع الاقتراب»، ولكن لأن العيون التي في طرفها شك وتخوف وسوء ظن أحيانا، تصورها أنها امرأة حديدية أو فتاة حديدية، مع أنها حريرية القلب، حريرية الجناح والنجاح والكفاح والسلاح..! يرتعش قلبها كثيرًا.. يصفق ريشها كثيرًا.. تهتز أوتارها إلا قليلًا.. لكن من يهز أوتار القلب ويعزف عليه برقة.. وبأنامل ليس فيها «نزغة» أو «نزعة» إلى الما وراء؟! يعيش بداخلها وحش جميل اسمه الحب.. الحب الذي يرادف المودة والرحمة.. الحب الذي هو وسيلة وغاية في آن.. وليس على الطريقة الميكافيللية «الغاية تبرر الوسيلة»، وليس على الطريقة الأفلاطونية المغرقة في المثالية، مع أن الفيلسوف أفلاطون طرد الشعراء من جمهوريته، وهم الذين يعلمون الناس الحب ويغنون للحياة، فيجعلون هذه الحياة جديرة بكل شيء حي.. قوية الشخصية هي.. لكن.. ربما لأنها لا تدرك أن أية شخصية تتكشف ملامحها، إما بحديث الآخرين عنها، أو بأفكارها وسلوكياتها، أو بطرائق عيشها وحوارها مع ما حولها ومن حولها.. وهنا يتجلى قول سقراط «تكلم حتى أراك». ربما لأنها «تقطّر» من أحاديثها، وترتدي القناع أحيانا، وفي المسافة بين الوجه والقناع، تكثر التأويلات وتتكاثر التفسيرات.. وأنت وحظك.. وهنا يميل ميزان الحظ والنصيب، للتأويلات الوهمية، ويطغى الوهم على الحقيقة، وتتسع الهوة بين التصور والتصديق، بين الهبوط والتحليق. هل لأنها لا تضع النقط على الحروف؟ لكن أكثرنا يمارس هذه اللعبة.. أليس كذلك؟! هل لأنها واضحة إلى درجة الغموض، كما لا تنفع الشمس وضوء العين ممنوع؟ هل لأنها تطلق آراءها الجريئة في عين الشمس، بلا حسابات ولا تحسبات ولا حسبان، والرجل يصغي إلى هذه الآراء فيه، ويظهر تقبله ورضاه، وتصدق هي، وتتمادى.. وتتماهى.. بل وتتباهى أيضا؟! هي أنثى.. وللأنوثة تجلياتها وتداعياتها.. وهي تعتز بكونها أنثى.. وهي ضد أن «توئد» وتحذر في ضوء المصباح الإلهي.. (وإذا الموءودة سئلت بأيّ ذنب قتلت). ألف هل.. وألف لماذا.. تتعاظم في عيون هذه «الحائرة» و«المحيرة»..التي تشبه اللؤلؤ… ذلك الكائن الضعيف، القوي، الجميل، الذي يحتمي بين شفتين من المحار، وعندما يتفتح ليتغذى، تدخل بعض الأشياء العالقة في الماء إليه داخل القوقعة، فترتفع درجة حرارته، وينطوي، ليفرز مادة اللؤلؤ البيضاء، ثم يبعد عن الشاطئ وعن سطح الماء، ويظل هادئا.. وتمضي به الأيام وهو يفرز ألمه الشفاف، حتى تمتد إليه يد إنسان تفتح شفتيه وتستخرج منه حبة اللؤلؤ..!! ترى.. من ذا الذي يستطيع أن يستخرج حبة اللولؤ.. تلك؟!