عمار يا مصر
ونحن علي أبواب استحقاق رئاسي طبقا للدستور تفصلنا أيام قليلة لاختيار رئيس مصر للسنوات الأربع القادمة ، وتفصلنا عنه ساعات لاختيار الرئيس من المصريين بالخارج في كل دول العالم .
ولأننا ندرك أو يجب علينا أن ندرك أن المشاركة في الانتخابات بالنزول لصناديق الاقتراع هو واجب وطني ,ليس فقط لانتخاب أعلي منصب سياسي في البلاد ، وليس فقط من أجل وضع مواد الدستور موضع التطبيق .. لكن المشاركة يجب أن تكون في المقام الأول من أجل مصر .. الدولة الوطنية .. التي تقف حتى الآن صامدة في مواجهة رياح عاتية تريد أن تقتلعها من جذورها حيث لا يستطيع عاقل أو متابع يحب وطنه أن ينكر صعوبة ومشقة الطريق الذي تسير فيه مصر منذ يناير 2011 ، ولا يستطيع أن يغض الطرف عن كل المحاولات التي أفشلتها مصر والتي كانت تستهدف تفتيتها أو تحويلها إلي دولة فاشلة ، كما لا يستطيع عاقل أيضا أن يتعامي عن رؤية حجم الإنجاز الذي وصل – في مشروعات كثيرة – إلي حد الإعجاز ومنها علي سبيل المثال لا الحصر .. قناة السويس الجديدة التي تم إنجازها في عام واحد كسراً لمعدلات إنجاز عالمية تتحدث عن حد أدني 3 سنوات ، وحقل ظهر للغاز في عام ونصف العام تحطيماً لأعلي رقم قياسي في سجل إنجاز مشروعات شركة إيني وباعتراف مديرها التنفيذي في كلمة متلفزة شاهده فيها العالم كله ، ولا يستطيع منصف أن ينكر ما تحقق من مواجهة فيروس سي في زمن قياسي وعلاج مليون ونصف المليون مريض والقضاء علي قوائم الانتظار ليتحول الإنجاز إلي نموذج يُحتذي به بشهادة دول كثيرة في العالم !
الشاهد أن مصر أبحرت وما زالت تُبحر في محيط هائج تتقاذفها الأمواج العاتية ، ومع ذلك تمر فيه وهي صلبة وقوية وقادرة علي التحدي بفضل قيادة مؤمنة بما تفعل ، وبفضل شعب يدرك في لحظات الخطر حتمية الوقوف خلف دولته الوطنية وهو يسترجع حضارته وتاريخه وبطولاته التي حققها رغم كل المعاناة والصعوبات الحياتية التي يواجهها ، ويؤمن كل الإيمان بأن الوطن إذا ضاع فلا فائدة من أي مكاسب ، ولا معني لنضال بعد ذلك .
جاء السيسي في 2014 – ليقضي مدة رئاسته الأولي التي تنتهي خلال أيام – بناء علي استدعاء من غالبية الشعب بتفويضه وأمره أن ينجو بالوطن من السقوط ، وأن يجنب البلاد ويلات حربا أهلية كانت إذا بدأت لن تتوقف لعشرات السنوات القادمة ، وإذا توقفت فسيكون ذلك بعد أن تتحول إلي أشلاء أو دويلات صغيرة ضعيفة متناحرة لن يكتب لأي منها الحياة ! .. لذلك كان السيسي هو رئيس الضرورة ، والضرورة هنا تعني إنقاذ الوطن من التفكك والضياع ، وكان يكفيه تحقيق ذلك خصوصا ونحن نري ما حولنا من دول لم تعد تصبح دولا ، ولن تعود كما كانت من قبل !
وعندما استجاب السيسي للإرادة الشعبية طالبه البعض أن يقدم برنامجا رئاسيا ورؤية لهذا الوطن المثخن بالجراح ، ومن المؤكد أن الرجل كانت لديه الرؤية والخطة والإرادة ، وكان يطمع فقط في أن تتطابق إرادته مع قدرة من يثقون فيه من الشعب المصري ، ويؤمنون بأنه رئيس الضرورة الذي يحتاجه الوطن في هذه المرحلة الدقيقة التي يمر فيها .
لو كان الرئيس أعلن عما يدور في عقله من حجم مشروعات وعمل ورؤية إستراتيجية في ذلك الوقت وقال أنه سوف ينجز كذا وكذا مما رأيناه علي ارض الواقع لما صدقه أحد وأنا منهم ، ولو قال أننا سنحرث الأرض لنبني وطنا جديدا علي أسس علمية وعصرية لما صدقه أحد ، ولو صدقناه لما تصور أحد أن ذلك يمكن أن يتحقق في هذه المدة القصيرة من عمر الأوطان رغم ما تواجهه مصر من تحديات الإرهاب والمؤامرات إلي جانب البناء ,
في تقديري أن المرشح الرئاسي عبد الفتاح السيسي يتمتع الآن بشرعية الإنجاز الذي وصل إلي حد الإعجاز ، وما زال يحمل في جعبته الكثير لهذا الوطن العزيز ، وأعتقد أن شرعية الإنجاز تساوي وربما تفوق شرعية الضرورة التي فرضها عليه الشعب المصري في الولاية الأولي .
المشاركة السياسية ضرورة حتمية ليثبت المصريون للعالم أن ما يجري علي أرض مصر هو فعل إرادي للشعب المصري ، ورغبة حقيقية في استكمال مسيرة البناء ، واختيار حقيقي لطريق طويل نحو الدولة العصرية الحديثة التي تأخذ مكانها بين الدول الكبيرة تأثيرا في المحيط العالمي .
أعتقد جازما أن شرعية الإنجاز التي يتميز بها المرشح الرئاسي عبد الفتاح السيسي في فترته الثانية سوف تعززها وتعضدها شرعية الانحياز لهؤلاء الذين شكلوا – وما زالوا – حائط الصد أمام كل المؤامرات ، وتحملوا تداعيات رؤية الرئيس في إصلاح مصر من طبقة محدودي الدخل والبسطاء في هذا الوطن ، وأتصور أن هذا ما يدور في عقل السيسي ويسعي إليه بكل قوة وإرادة صلبة والأمثلة علي ذلك لا تحتاج إيضاح .
المشاركة السياسية والحشد والنزول إلي صناديق الانتخابات هي معركة كل مصري ضد أعداء وطنه في الداخل والخارج ، وهي تجديد الإعلان عن شعب لا يستكين بعد أن كسر الطوق وتخلص من أي تبعية أو أملاءات خارجية .