لم تتفق الأديان في الكتب السماوية على رأي واحد في كيفية تحديد الانسان من الخطيئة الأصلية: خطيئة الكبرياء! وهذا لا يتم إلا بفعل التجسد بين البشر ، والتجسد يتطلب في الحقيقة زماماً ومكاناً.
الأمر الذي دعانا أن نستنتج من الكتب السماوية أن الله اختار شعباً ينزل تعاليمه بين طهرانية ، فكان أولهم “اسرائيل” وذلك عن طريق المعاهدة مع سيدنا ابراهيم الذي عاش حياة ورع وتقوى ، وإيمان واستقامة ، في زمان استشري فيه الفساد وعم الكفر والالحاد ، فاستحق ابراهيم عليه السلام أن يلقب بأبي الأنبياء ، واستحق بالتالي مكافأة بعده بوطن زمني في رقعة من الأرض ، فظهر الملاك في الحلم مخاطباً ابراهيم بقوله “لك ولنسلك أعطي هذه الأرض”.
إلا أن هذا الاختيار أثار الغرور في قلب “اسرائيل” الذي فسر الميثاق على أساس قومي عنصري طبقي ، فظن أن وشعبه المختار في الأرض بين كل شعوب العالم ، وبالتالي الأكمل والأصلح كي يحكم هذه المعمورة ، ويتحكم أيضاً في رقاب الأنام!.
وقد غررت هذه العنصرية والعرقية بإسرائيل فأوقعته في “الخطيئة الأصلية” خطيئة الكبرياء ، والتعالي والاعتداد بالنفس ، والانتفاخ والغطرسة فظن أن الشعوب جمعاء يجب أن تسجد له: فسمى الأقوام قاطبة “شعوب الأرض” وسمى نفسه “شعب الله المختار ، وقد شعر “يوحنا” الرسول بالتطرف العنصري الذي انزلق فيه “اسرائيل” ، فخاطب اليهود بقوله: “لا يخطر لكم أن تقولوا في نفوسكم أن أبانا ابراهيم ، لأني أقول لكم ، أن الله قادر على أن يقيم من هذه الحجارة أولاداً لإبراهيم”
(متى 3:9)
وكان مؤدي كلام “يوحنا” الرسول ، أن فلينهنه “اسرائيل” من غلوائه ، فإذا كان المولى سبحانه وتعالى قد عاهد ابراهيم عليه السلام ، واختار اسرائيل شعباً له ، فذلك لأنه أراد أن يراعي قانوني الزمان والمكان فقط ، إذاً فالغاية من حصر التنبؤات في اسرائيل وتأمينه عليها ، أن تكون لخير شعوب الأرض جميعاً ، وليس لليهود فقط ، كما فسرها “اسرائيل”.
فإسرائيل ليس أكثر من وسيط بين البلد والعالم في ذلك الوقت ، كي ينشر التنبؤات كما سلمت إليه. إلا أن أهل اليهود قد سقطوا في خطيئة الحرف ، في الضلال الباطل ، في الظن بسمومهم الذاتي على جميع الأمم وتوهموا أنهم نالوا رضا الله نهائياً. وهكذا وقفوا في تأليه القومية العنصرية ، وفي عبادة المال ، وفي عبادة التقاليد ، وفي تقديم ما يعرف بالسبت على الانسان ، وهنا بدأ انهيار العدل بين بني البشر