استكمالاً للحديث حول حالة حقوق الإنسان في الوطن العربي، وما أشرنا إليه من نزاعات عسكرية في سوريا والعراق وليبيا واليمن.
وبالإضافة إلي ما أنتجته النزاعات المسلحة الدائرة في تلك الدول من تدمير هائل للبني الأساسية الاقتصادية والخدمية، وفقدان الحد الأدني من مقومات العيش، فقد وفرت ملاذات آمنة للتنظيمات الإرهابية التي لا تتوقف عند حدود ساحات النزاع المسلح، بل تمتد إلي تهديد بلدان الجوار التي تنعم باستقرار نسبي علي نحو يقلص قدراتها علي التنمية المستدامة وتلبية احتياجات مواطنيها. ومن المهم الإشارة إلي الآثار الوخيمة التي أنتجتها عناصر المشهد القاتم علي قدرة حركة حقوق الإنسان في النهوض بواجباتها، وخاصة المنظمات الحقوقية العاملة في مجالات الحماية والمراقبة التي تقع تحت وطأة ضغوط متصاعدة أثرت علي قدراتها كما ونوعا، وجعلت عددا منها ضحية للالتباسات بسبب المعلومات المنحازة التي تتسيد المشهد الإعلامي وتؤثر في إنتاج صور ذهنية تفتقد الدقة الواجبة. كذلك شهدت الفترة التي يغطيها التقرير تحولات عميقة في خريطة المنظمات الإرهابية، وآلياتها، ومواقعها الجغرافية، ومكانتها التراتبية داخل المنظومة الإرهابية، وبالطبع كان القضاء علي دولة ” داعش” المزعومة علي يد القوات السورية والعراقية والتحالف الدولي لمكافحة الإرهاب محور هذه التحولات، حيث أحدث انهيار داعش تفاعلات عميقة علي خارطة الإرهاب في المنطقة والعالم. وأشارت تقارير متعددة إلي تصاعد نشاط تنظيم القاعدة من خلال شن هجمات إرهابية في مناطق مختلفة وخاصة في اليمن والصومال وغرب أفريقيا وجنوب آسيا. وفيما يتعلق بالآثار الاقتصادية والاجتماعية للإرهاب، تختلف تقديرات الخسائر التي أنزلتها النزاعات المسلحة بالبلدان العربية المنخرطة في نزاعات من بلد لآخر، لكن الثابت أنها خلفت أضرارا جسيمة علي البنية الأساسية في هذه البلدان وفي مقدمتها رأس المال البشري بالقتل والتشريد والنزوح واللجوء، وتزيد تلك الخسائر في تقارير بعض المسئولين مثل أمين عام الجامعة العربية عن ٤٦٠ مليار دولار، وتبلغ كلفة إعمار المناطق التي تم تخريبها في الدول العربية التي تعاني من الحروب والنزاعات نحو تريليون دولار. وقدر تقرير حديث للأمم المتحدة تم تداوله في أغسطس الجاري حجم الدمار في سوريا بأكثر من ٣٨٨ مليار دولار بخلاف الخسائر البشرية، وفي اليمن نحو ٢٥ مليار دولار، وانخفض معدل إنتاج النفط في ليبيا بنسبة تصل إلي ٨٠% من القدرة الإنتاجية، وتراجع التصدير بما بقارب ٨٥% مما تسبب في انخفاض كبير في الإيرادات. وفي العراق تضررت المنشآت الحكومية بدرجة بالغة، حيث بلغت خسائرها طبقا لتصريحات وزير الخارجية ٣٦ مليار دولار، والأضرار التي لحقت بالمنازل بنحو ١٥ مليارا. كذلك كشف تقرير البنك الدولي انخفاضا حادا في تقديم التبرعات لغزة بفلسطين من ٤٠٠ مليون دولار في عام ٢٠١٦ إلي ٥٥ مليون دولار فقط عام ٢٠١٧ ، وهكذا تظل المنطقة العربية هي الأكثر اشتعالا في العالم. حفظ الله مصر والمصريين.