الدولة الرشيدة هي التي تستثمر مواردها المتاحة لتحقيق أقصي فائدة، فالإنسان هو وسيلة التنمية وغايتها، وبناء البشر يسبق بناء الحجر، ومصر زاخرة بعلمائها ومفكريها الذين يتغافل الإعلام الهابط عن تسليط الضوء علي إنجازاتهم، وتمرير أفكارهم التنويرية للقارئ الكريم، والتعريف بإنجازاتهم الكبيرة التي لم تنل حقها من الذيوع الجماهيري، وهذا غيض من فيض نحو حق هؤلاء العلماء علينا، حيث فاض الغث في الإعلام علي حساب الثمين.
الدكتور حافظ شمس الدين عبد الوهاب هو أحد القامات العلمية التي تفخر بها مصر، حصل علي بكالوريوس الكيمياء والجيولوجيا في كلية العلوم بجامعة عين شمس، وتدرج في الوظائف الجامعية من معيد إلي أستاذ للمعادن والصخور بالكلية ذاتها. حصل علي دراساته العليا في الجيولوجيا من جامعة لندن، ودرجة الزمالة في دراسات البيئة من جامعة بنسلفانيا الأمريكية، وهو عضو مؤثر في العديد من الهيئات والجمعيات العلمية داخل مصر وخارجها، ومنها عضوية المجمع العلمي المصري، ومجمع اللغة العربية بالقاهرة، والجمعية الجيولوجية الأمريكية، والجمعية الجيولوجية البريطانية، واتحاد الكتاب المصري، وجمعية تعريب العلوم، وهو رئيس جمعية حماة اللغة العربية بمصر، والخبير المصري البارز في السياسات الثقافية والتنوع الثقافي بمنظمة اليونسكو بباريس خلال السنوات العشر الماضية، كما أنه مشارك فعال في المؤتمرات الدولية والإقليمية والمحلية، وقاد العديد من المشروعات البحثية، وساهم في تحرير الموسوعات التي يصدرها الأردن والكويت والسعودية، وكان مديرا لتحرير أول موسوعة مصرية عربية عالمية مؤلفة.
حصل الدكتور حافظ شمس الدين علي عشرات الجوائز والتكريمات وطنيا ودوليا، ومن أبرزها جائزة أفضل بحث علمي في علوم الأرض من جامعة بنسلفانيا عام ١٩٩٧، وجائزة أفضل كتاب علمي مترجم من مصر عام ٢٠٠٦، وجائزة الدولة في تبسيط العلوم عام ٢٠١٣، وجائزة الدولة في الثقافة العلمية عام ٢٠١٥. ومن أبرز مؤلفات الدكتور حافظ” تبسيط الجيولوجيا”و” تسونامي” و”طاقة الأرض الحرارية”، ” والتفكير العلمي وصناعة المعرفة”٠ ومن مترجماته” البسيط في الجيولوجيا” لوليام مايتوس، و”الأرض من القلق العالمي إلي الأمل الكوكبي”لبيتر وستبروك، وخمسة أجزاء من موسوعة وصف مصر تأليف علماء الحملة الفرنسية. يري الدكتور حافظ أن المثقف الحقيقي يعد عملة لا يعلوها صدأ النفاق، ولا يغلفها رأي مستبد، ولا يجنح إلي الهوي الشخصي أو الحزبي أو أية قوي أخري تحاول إخراجه من جادة الصواب، كما يري أن البحث العلمي لا يتولد إلا من تعليم سليم، وأن المحصلة النهائية للتعليم الجيد والبحث العلمي هي التكنولوجيا، وهي السبيل إلي المعرفة، وأنه لا مناص من نهضة علمية ترتكن إلي تعليم جيد وإعداد لباحثين أكفاء، وميزانية تكفي لشحذ هممهم بدلا من الترهل العلمي الذي يعشش في مؤسساتنا، والعلم هو المطرقة التي ندق بها علي أبواب الألفية الثالثة بإنجازاتها المختلفة، والباب لن ينفتح إلا بعلم سليم، وعقل قويم، وأستاذ وطالب يتعاونان معا في منظومة عنوانها “لا تقدم إلا بالعلم”.
ياتري من يسمع ومن يري!