فى عطوف مصر المحروسة تتدلى المشربيات بزخارفها المرصعة بصوانى القلل الفخارية فترقص فوقها أعواد النعناع الأخضر وتفرش أشعة الشمس أساورها الذهبية فوق الستائر الحريرية المختبئة فى أعين النساء التى تنظر من خلفها على المارة من حرافيش المحروسة حيث تمتلئ رئتهم برائحة ماء الورد و تغازل ألسنتهم العطشى صنابير الماء المتراصة على جانبى شارع المعز .
وفى مصر المحروسة ترى اختلاط الأقدام والثياب والألسنة فالمحروسة اعتادت على ضيافة المسافر وعابر السبيل والغريب ولم تعرف المحروسة سائحا سوريا ولا سائحا مغربيا ولا سائحا هنديا لأن من يمر على مصر تمتزج كرات دمه بعطوف المحروسة فلا عجب أن ترى يهود المغاربة فى أروقة باب زويلة وأن ترى عجم طشقند فى دروب التمبكشية وأن ترى بهرة الهند فى عطوف الخرنفش بجوار مسجد الحاكم بأمر الله
ولم تحسن مصر المحروسة ضيافة البشر فقط بل أحسنت ضيافة الحيوانات أيضا فبجوارقصر بشتاك نجد سبيل عبد الرحمن كتخدا وهو سبيل خاص للحيوانات تدخله الدواب تغتسل وتأكل وتنام بلا مقابل فمصر المحروسة تعرف كيف تتعامل مع الآخر حتى ولو كان هذا الآخر من غير الجنس البشرى وفى قاهرة المعز ترى الحوانيت والدكاكين والوكالات التى ربما يكون أصحابها من غير المصريين , ولكنهم مصريون ببركة بخور بيت القاضى وحنة كحل قصر الشوق فالعطار مغربى وبائع البقلاوة من الشام وطاحن اللحم من بلاد الحبشة هذه مصر المحروسة تحتضن الغريب ولا يشعر الغريب فيها أنه سائح أو عابر سبيل فمصر التى خصصت فى جامع الأزهر رواقا للمغاربة ورواقا للشام وأروقة أخرى كثيرة لغير المصرين وخصصت لهم رواتبا وحفتهم بالطعام والثياب لاتنتظر هبة من أحد ولا معونة من أمريكا ولا وديعة من قطر فمصر تقسم قوتها مع الغريب وربما تقتص غرفة من غرف بيوتها لينام فيها فمصر المحروسة لم تعرف قسوة العيون ولا غلظة القلوب التى نراها اليوم من بعض من يدعون أنهم مصريون ،المصريون لا تمتزج كرات دمهم بالحقد والكراهية فهم ليسوا أجداد أردوغان الذين طغوا فى بلاد مصر المحروسة فأشعلوا فيها الفساد بفلولهم الإنكشارية عقب دخولهم مصر مع السلطان سليم شاه الذى سرق ونهب خيرات مصر وقتل أهل المحروسة ودخلت مصرأثناء حكمه عصر الظلمة حيث اختفى العلم وتم عزل العلماء والقضاة واستبدالهم بإخوان عثمانيين يسرقون وينهبون ويقتلون أهل مصر وراح حرافيش المحروسة يسيرون فى شوارع القاهرة يرددون : نوحوا على مصر لأمر جرى من حادث عمت
مصيبته الورى ولم يكتف قادة الإنكشاريين من أنصار سليم الأول الذين دخلوا مصر بهذا بل طردوا الناس من بيوتهم واقتحموا جامع الأزهر وجامع أحمد بن طولون وأشعلوا النار فى مسجد شيخا وقتلوا فى أسبوع واحد أكثر من 10 آلاف من أهل المحروسة ولم تسلم حتى كلاب مصر من القتل فقد أصدر خاير بك نائب السلطان فى مصر أوامره بقتل الكلاب وتعليق جثثها على أبواب الدكاكين ولولا شفاعة المحتسب الزينى بركات عند خاير بك ماتوقفت هذه المذابح وأصر إخوان أردوغان منذ أول يوم وطأت فيه أقدامهم أرض مصر على تقسيم مصر وطمس هويتها الثقافية وتغير عادات الناس فأصدر خاير بك قرارا بمنع مسرح خيال الظل ومنع الغناء ومنع زفة العرسان وفرض ضريبة على الزواج وضريبة أخرى على الطلاق واستبدل الأوزان والأطوال والمكاييل المصرية بأخرى عثمانية للاستيلاء على ممتلكات أهل مصر المحروسة وطمس تراثها الثقافى والاجتماعى ويبدو أن السيد أردوغان اليوم يسير على نهج جده خاير بك ولكن أردوغان استحدث طرقا استعمارية حديثة تتماشى مع المزاج العام للهيمنةالأمريكية فألبس الإرهابين ثياب السائحين لدعم إخوان الإرهاب من خلال مكاتب سياحية يديرها رجال من المخابرات التركية وهذه المكاتب السياحية هى فرع من فروع الشركة الأم فى إسطمبول والأغرب أن هذه المكاتب تتعامل مع الشركات الأجنبية مباشرة من على أرض مصر والأكثر غرابة أن برنامج الفوج السياحى يبدأ من تركيا وشراء المنتجات المصرية من تركيا ثم يغادر تركياإلى مصر فى زيارة سياحية منزوعة الدسم لأن السائح الأجنبي استمتع واشترى كل شئ وأكل المأكولات المصرية واشترى منتجات خان الخليلي فى تركيا وبهذا ينجح مكتب أردوغان فى تنشيط السياحة الإرهابية فكل الإرهابين الذين دخلوا مصر وسوريا وليبيا دخلوا من خلال مكاتب إردوغان لسياحة الإرهاب وكما أباد أجداده العثمانين الأرمن يحلم أردوغان أن يبيد الحلم العروبى القومى ولكنه واهم لأنه لايعلم عن حضارة الشعوب غير حضارة القتل ونشر الفوضى هو وإخوانه الدواعش الذين يريدون حرق مصر المحروسة ولكنهم لن يحرقوا إلا أنفسهم