في دهاليز السياسة وألاعيب السياسيين.. لا شئ مستحيل.. وفي قاموس الخيانة والعمالة توجد صناديق سوداء لابد من “فضح” أسرارها.. أقول ذلك تعقيبا على توقيع رئيس العصابة الصهيو – أمريكية أمس على قرار”اسرائيلية الجولان” دون أن تتحرك دولة واحدة – خصوصا إيران التي صدعتنا بتحالفها مع سوريا – باستدعاء السفير الأمريكي أو سفير الكيان اللقيط على أراضيها لرفض واستنكار هذه البلطجة.
ويقيني أن البلطجي الأمريكي لم يكن ليجرؤ على توقيع هذا القرار إلا بعد أن تأكد واطمئن بأن مصالح بلاده في المنطقة “آمنة.. آمنة.. آمنة”.. ولما لا وقد أصدر قرارين شبيهين من قبل دون أن نحرك لذلك ساكنا، وهما: قرار “نقل سفارة بلاده إلى القدس” وقرار”سيادة الكيان اللقيط على حائط المبكى”.
وبالرجوع إلى خيوط تلك المؤامرة بعد سيطرة الكيان المحتل على “قطاع غزة والضفة الغربية والجولان” عام 1967.. سنلاحظ صدور تقرير أمريكي سنوي لحقوق الإنسان منذ عدة أيام يسقط “صفة” الاحتلال على “مرتفعات الجولان وغزة والضفة الغربية” بالمخالفة الصريحة لقانون الدولي.
ولأن “العصابة الصهيونية” التي صنعت “البلطجي الأمريكي” لديها مخططها للهيمنة على المنطقة.. فقد شجعت البلطجي على توقيع قراره المشئوم بعد أسبوع بالتمام والكمال من تاريخ صدور التقرير المشار إليه.. كما لخصت وزارة الخارجية الأمريكية ردها على هذا “الصلف وتلك البلطجة” بأن “السياسة الأمريكية بشأن وضع هذه الأراضي لم تتغير، وبأن التقرير المذكور ركز على قضايا حقوقية وليس على المصطلحات القانونية”.. وهو الأمر الذي يوضح لنا واقعا مريرا مُلخصه أن “هذه المؤامرة مجرد خطوة ضمن سيناريو خطير بدايته كانت الاعتراف بالجولان – رسميا – كجزء من الأرض العربية التي اغتصبها المحتل اللعين” والبقية تأتي.
بمعني أن الضفة الغربية وقطاع غزة أُسقطت عنهما أيضا صفة الاحتلال الإسرائيلي على غرار هضبة الجولان في التقرير الأمريكي المذكور.. وبمعني ثاني أن البلطجي الأمريكي سيذهب إلى أبعد مما ذهب إليه ويعلن سيادة الكيان اللقيط على الضفة والقطاع المحتلين.. تمهيدا للكشف عن جريمة أكبر تسمى “صفقة القرن”.. والتي كان يفترض الإعلان عن تفاصيلها في الربيع القادم.. لكن الأمر تأجل على ما يبدو إلى وقت آخر.
نقول ذلك حتى لا نُصدم بما هو آت.. فكل الكوارث والمصائب غير المتوقعة.. لابد وأن نتوقع حدوثها في فترة رئاسة هذا البلطجي لأمريكا لسبب بسيط جدا.. وهو أنه يتعامل معنا بمنطق الربح والخسارة كصاحب شركة تجارية وليس كرئيس دولة بحجم الولايات المتحدة الأمريكية.. وهذا ما لخصته صحيفة “هآرتس” العبرية عندما زعمت أن استقلال أمريكا في مجال استخراج الطاقة (النفط والغاز الطبيعي) من الصخور العميقة بواسطة التصديع الهيدرولي وبتكلفة معقولة طوال الـ 20 عاماً الماضية.. مكَن البلطجي الأمريكي من كسر محرمات السياسة الخارجية لبلاده دون الاهتمام بردود الفعل العربية الغاضبة خصوصا من دول الخليج بشأن قراراته المشينة في المنطقة لصالح أسياده الصهاينة.
ودعونا نكشف أوراقنا ولو لمرة واحدة فقط بكل صراحة وشفافية دون الهرولة لعقد قمم عربية جديدة لا طائل منها.. ولا داعي أيضا إلى اللجوء لمجلس الأمن لكسب تعاطف بعض الدول المحايدة في ظل عالم لا يعترف إلا بلغة “المصالح المتبادلة”.. فما حدث ويحدث الآن في: سوريا واليمن وليبيا وتونس والجزائر وقبل ذلك في: فلسطين والعراق والسودان.. ما هو إلا نموذجا حيا وقبيحا للأطماع الدولية في المنطقة.. القضية الفلسطينية على سبيل المثال.. انتهت دبلوماسيا وللأبد.. ومن يظن أو يعتقد بغير ذلك فهو وااااهم.. وملخص القول هنا يكمن في طرح السؤال التالي: هل ننتظر مساندة دولية لقضايانا في الوقت الذي يتآمر فيه بعضنا على بعض لصالح العدو أعداء العرب والمسلمين؟؟!!
ولنا في مواقف وقرارات بطل الحرب والسلام محمد أنور السادات – رحمه الله – العبرة والعظة.. فحينما استشعر السادات حجم المؤامرة العالمية على المنطقة بشكل عام ومصر خاصة بعد انتصارنا العظيم في حرب أكتوبر المجيدة 1973.. أعلن استعداده للتفاوض مع الكيان اللقيط في عقر بيته حتى يسترد أرضه ويفتح حوارا جادا للمطالبة باسترداد بقية الأراضي العربية المحتلة بعد مشاوراته مع رؤساء وملوك وأمراء وقادة المنطقة.. إلا أن قلة معروفة منهم اتهموه بالعمالة والخيانة والتفريط فى الثوابت الوطنية.. وهو ما أدي في النهاية إلى التحريض ضده والتآمر عليه حتى تم اغتياله بأيد آثمة ودم بارد عقب إعلانه عن “مبادرة السلام” والتي بموجبها استرددنا كامل أراضينا بعد عودة طابا إليها بالتحكيم الدولى فى أثناء حكم الرئيس الأسبق حسنى مبارك.
ما سبق من مؤامرات عربية – عربية أدي إلى الوضع المأساوي الذي تشهده المنطقة حاليا.. فاللوم – كل اللوم – يقع علينا نحن لا على البلطجي الأمريكي المعروف بانحيازه التام لأسياده الصهاينة وخاصة الجناح اليميني الذي يتزعمه المجرم الصهيوني نتنياهو.. كما أن ترامب ما هو إلا “دمية” تنفذ تعليمات جماعات اللوبي الصهيوني المسيطر على القرار الأمريكي داخل مبني البنتاجون.. وهذه الحقيقة سبق وكشفها الرئيس الأمريكي الأسبق أيزنهاور عندما حذر مواطنيه فى خطابه الشهير نهاية ولايته بإنه “ترك فيهم جماعة ضغط عسكرية صناعية قوية جداً تستطيع الانقلاب على الديمقراطية الأمريكية لأى سبب وفي أي وقت تريده”.. وبالفعل أصبح هذا اللوبي العسكري بعد مرور عدة عقود على هذه التحذيرات..هو المسيطر الفعلى على البلاد.
بدليل أنه في خمسينيات القرن الماضى كانت كوبا ترزح تحت نظام حكم «فولغنسيو باتيستا»، الذي سمح لمجموعة من الشركات الأمريكية مثل:جنرال موتورز و ستاندرد اويل وشيراتون و هيلتون و جنرال إليكتريك بالسيطرة على ثروات البلاد..وفي العام نفسه نجح مواطنه فيدل كاسترو ورفاقه في قلب نظام الحكم والاستيلاء على السلطة..بعد ذلك عادت ثروات الجزيرة إلى أهلها، مما آثار مخاوف الشركات الأمريكية التى بدأت في الضغط على أيزنهاور للتخلص من نظام الحكم الجديد في كوبا.
ومع وصول جون كينيدي إلى سدة الحكم فى البيت الأبيض..قامت سلطات الاستخبارات الأمريكية في أبريل 1961 بالإشراف على عملية إنزال بحري فاشلة لعملائهم من الكوبيين في خليج الخنازير..وذلك بعد رفض “كينيدي” دعم عملية الإنزال بالطيران الجوي..وسرعان ما قام بعزل «آلان داليس» مدير جهاز المخابرات “السي.آي.إيه” ومساعده «تشارلزكابل»..هنا ظهرت ملامح تحذيرات “أيزنهاور” جلية حينما بدأت جماعات اللوبي السياسي والعسكري الصهيوني بالضغط على “كيندى” واتهموه بالجُبن.. وتدخل الجنرال «ليمنيتزر»-رئيس هيئة الأركان المشتركة-بعرض خطة «الغابات الشمالية» عليه في 13 مارس 1962..والتى ستمنح الذريعة لأمريكا وتقدم الحُجة للمجتمع الدولي للتدخل العسكري الأمريكي في كوبا.. وكان هدف العملية – بحسب الخبراء – إقناع المجتمع الدولي بأن فيدل كاسترو يشكل خطراً على العالم ويجب التخلص منه مثلما فعلوا مع الرئيس العراقى صدام حسين.
ولتحقيق هذا الهدف كان لابد من القيام بتمثيلية كبرى بحيث يتم إلحاق أضرار كبيرة بمصالح أمريكية وإلصاق التهمة بكوبا.. تضمنت العملية عديد من السيناريوهات المرعبة.مجموعة من المرتزقة الكوبيين بملابس قوات كاسترو تقوم بالهجوم على القاعدة الأمريكية في كوبا تُحدث أكبر قدر ممكن من التخريب والتفجيرات والتسبب بخسائر مادية وبشرية كبيرة- تفجير سفينة أمريكية في المياه الإقليمية لكوبا، ويكون الانفجار من الشدة بحيث يشاهَد في العاصمة هافانا للحصول على شهود عيان وتكون هناك عمليات إنقاذ موسعة ولائحة بأسماء الضحايا ومراسم جنائزية في الوقت الذي تتواجد فيه سفن وطائرات كوبية في المنطقة لإلصاق التهمة بها -طائرة كوبية مزيفة تقوم بقصف ليلي لجمهورية الدومينيكان المجاورة – وأخيرًا تفجير طائرة مدنية أمريكية على متنها شخصيات أمريكية شهيرة،على أن تصدر الطائرة قبل انفجارها نداءات استغاثة وإشارات تدل على قرصنة جوية بواسطة مختطفين كوبيين.
رفض كينيدى الخطة وقام بإقالة «ليمنيتزر» من منصبه وتم تعيينه قائدًا لقيادة القوات الأمريكية في أوربا. في نفس العام تم اغتيال “كينيدي”..وتم الكشف عن وثائق خطة «الغابات الشمالية» عام 1992 بعد أن اضطر الرئيس الأمريكي «بيل كلينتون» فتح تحقيق موسع حول مقتل كينيدي نتيجة ضغوط المجتمع الأمريكي بعد عرض فيلم سينمائي للمخرج الأمريكي الشهير «أوليفر ستون» والذى فند الرواية الرسمية لمقتل كينيدي.
الوثائق قام بنشرها الكاتب الصحفي «جون أليستون» عام 1991 في كتابه )تاريخ الحملة الدعائية الأمريكية ضد كاسترو(، والكاتب «جيمس بامفورد» في كتابه )مجموعة الأسرار- تحليل لوكالة الأمن الوطني..أحداث 11 سبتمبر 2001 هي احد سيناريوهات خطة الغابات الشمالية التى سطرت لمقتل أبرياء من المواطنين والعسكريين الأمريكيين. مقابل 2973 أمريكية ضحايا انهيار برجي التجارة ستمتلك أمريكا أدوات السيطرة على العالم كله.
إن الصهيونية العالمية سخرت كل هؤلاء وأولئك لإشباع رغبتهم المادية والعقائدية المزعومة وحتى المعنوية بأكثر مما يتمنوا..لكن كان لعناصرها أهداف أخرى وطموحات أخرى وتخطيط آخر وهو سرقة حضارة هذه الشعوب وتاريخها وآثارها عن طريق هؤلاء المرتزقة الذين دمروا العالم لحساب الصهاينة..وسيتضح ذلك جلياً فى التفاصيل المفزعة للخراب الذى نشروه فى المنطقة عن طريق عملائهم.
تلخيصا لما سبق.. هو أن المنطقة بأكملها الآن تمر بأزمة حقيقية وتشهد واقعا مأساويا لابد من تغييره وبأسرع وقت ممكن قبل أن ندخل جميعا في حالة “موووووت” إكلينكي مخيف.. والحل الوحيد لردع العدو الحالي والمستقبلي.. هو الإسراع في تشكيل “القوة العربية المشتركة” التي طالما نادى بها الرئيس السيسي.. فإذا نجحت دول المنطقة في ذلك.. فسنكون القوة العسكرية الأولى عالميا.. والثانية اقتصاديا.. والثالثة بشريا بحسب تأكيد الخبراء.