ما هي المعادلة الصحيحة ؟ ما هو المطلوب من الإعلام ؟
من يقود التأثير الحقيقي في الجمهور ؟ هل إعلام يمتلك ادوات وآليات ضخمة بلا مضمون واعي وواقعي أم من لديه محتوى حقيقي ينفع به “الناس” بأدوات محدودة ؟
أسئلة كثيرة تدور في ذهني عندما أخوض تجربة إعلامية جديدة، حول هدف هذه الوسيلة الإعلامية أو هذا المشروع الإعلامي. وهنا أتذكر قول والتر ليبمان في كتابه (الرأي العام) عندما تحدث عن مسؤولية وسائل الإعلام في بناء صور ذهنية واعية لدى الجمهور، وفي كثير من الأحيان تقدم بيئات زائفة في عقولهم.
صنع الوعي، إذن، جزء من تقويم الدور والأداء لأي وسيلة إعلامية ومدى تأثيرها في المجتمع وأفكاره وقيمه.
وعندما نتحدث عن الإعلام ترِد على أذهاننا برامج التوك شو والبرامج الحوارية الفنية والرياضية وغيرها وما تمتلكه هذه المشروعات الإعلامية من أدوات تسويقية وترويج قوي، لكن عندما نتحدث عن إعلام يمثل المواطنين باعتباره حق جوهري مرتبط بحق التعبير يتوقع من الإعلام أن يهتم بالثقافة الدينية خاصة في الأحداث الراهنة التي تؤجج بعض الجماعات المتطرفة نيران الفتن في بعض بلاد الشرق الأوسط وقدرة الإعلام كسلاح مهم لمواجهة الفكر بالفكر، ويحضرني هنا قول المخرج الراحل مصطفى العقاد (أعطوني فضائية وخذوا العتاد العسكري الذي تريدونه).
من هنا، تحديدًا، ندرك قيمة “الناس” ومكانتها المؤثرة في المعادلة الإعلامية الراهنة.
تأتى تجربة قناة “الناس” في ثوبها الجديد كمنبر ديني اجتماعي ثقافي في مقدمة الصفوف التي تبذل الجهد الكبير لنشر مفهوم الإسلام الصحيح بجهود فريق عمل يجمع بين الكوادر المهنية المحترفة وبين علماء الأزهر ليكون النتاج محتوى نعيش به ديننا ودنيا ، من هنا كانت الخطوة الأولى لحل المعادلة الصعبة .. المعادلة الصعبة التي أقصدها هنا هي المزج بين الأدوات المهنية التسويقية المتطورة والمضمون القوي الواعي.
ما من شك في أن مستقبل الإعلام مرتبط بقدرته على فهم الآخر والانفتاح عليه وفهم طبيعة الحوار معه، ومن هنا يأتي دور قناة “الناس” في تـقديم رسالة أخلاقية من خلال هدف كبير كان دستور عمل واجتهاد لكل العاملين وهو (قناة الناس.. ما ينفع الناس) عنوان يلخص منظورًا إعلامياً يدرك ما لديه من أدوات وما عليه من مسؤوليات تجاه مجتمعه ووطنه.
في برامجها وجد التنوع في العرض والاخلاص في النقل لتتعدد أوجه الاستفادة … فمن تدريب وتعليم المشاهدين باختلاف أعمارهم على أحكام التجويد في برنامج مع التلاوة إلى تفسير القرآن للشيخ الشعراوي وعدد من البرامج الأخرى التي تناولت الأحاديث والفقه.
إذا حدثتكم عن المسؤولية المجتمعية والوعي بالحقوق والواجبات تجاه وطننا فكانت دائماً مع الناس لرصد مشكلاتهم وطرح العديد من القضايا الاجتماعية وتقديم حلول ونصائح للكثير من علامات الاستفهام. أما عن لغة الفن فمشاهد قناة “الناس” دائماً في تذوق للإنشاد والابتهال والمديح.
وعن الضيف اليومي في كل بيوت المشاهدين وهو البطل الحقيقي في المشهد الإعلامي الخدمي برنامج “فتاوى الناس” مع مجموعة من الأئمة والعلماء من أمناء الفتوى بدار الإفتاء والأزهر لطرح الكثير من نقاط الفقهية التي نعيشها يوميا بالإضافة الى الرد على كل تساؤلات المشاهدين .. فالغاية هنا وضع نقاط الرأي الفقهي على حروف استفسارات المتابعين.
التحدي الأكبر الذي يواجه الإعلام الديني هو محاولة تصحيح صورة الإسلام التي شوهها الإعلام الغربي، والتصدي للأفكار والنهج المتطرف من خلال التعريف بالإسلام الوسطي الذي يدعو إلى قيم الإخاء والتسامح والتعايش بين البشر تلك هي مسؤولية قناة “الناس” التي تمتلك خطة تتجاوز أي أهداف لمؤسسات إعلامية أخرى سواء في جذب المتابعين او الطرح الإعلامي ، فالتحدي عند قناة “الناس” هو تحدي أمة بأكملها وهو تجديد التفكير الديني والخطاب الديني المعتدل وهو أيضاً على رأس أولويات الدولة ومؤسساتها الدينية.
بدون الإقرار بالإعلام الديني، ينغلق الإنسان على نفسه ويصبح عاجزًا عن إيجاد أجوبة عن تساؤلات قلبه حول معنى الحياة وعن اكتساب قيم ومبادئ أخلاقية ثابتة، فقناة “الناس” استطاعت بما لديها من إمكانيات أن تضع قدماً وتؤثر في الكثير من المصريين بجميع الطبقات والمراحل .. الشباب في الجامعات وجميع المراحل العمرية وجدوا أنفسهم في برامج متعددة لفهم دينهم بأسلوب معاصر وأصبح المتابعون على الفيس بوك اكثر من 5 ملايين، ناهيك عن المشاهدين من عموم المواطنين في الأقاليم والصعيد.
رحلة عمل واجتهاد رسالتها تقديم ما ينفع “الناس”. السؤال المهم هنا: بدون قناة “الناس”، أين ستتجه أنظار وعقول هؤلاء المواطنين؟ هل تقع فريسة لفكر آخر وإعلام آخر يتحدث باسم الدين؟
هذا هو سؤال الوقت، الذي يجب أن نفكر فيه ونتدبره، لنعرف جيدًا الدور والرسالة والمقصد من وراء (قناة الناس.. ما ينفع الناس).