أخبار عاجلة

د.محمد حمادة يكتب.. حكايتي مع «مصطفي عبد الخالق»

عام 1971 كنت في اولي اعدادي ،،وعدني ابي رحمه الله لو طلعت الاول علي المدرسه سوف يعطيني جنيها كاملا !! الموضوع ماكانش سهل فكنا 16 فصلا من المدينه وضواحيها, اضافة للمهاجرين من 3 محافظات بورسعيد واسماعليه والسويس ،،فالامر لم يخلو من عباقرهولكنني حسبتها ،،كانت السينما ب3 قروش ونصف ،،وبذلك ان قبلت التحدي ونجحت سوف اقضي صيفا رائعا مقتحما 30 فيلما جالسا علي الدكك الاولي متابعا لفريد شوقي وهو يكيل اللكمات لعادل ادهم والدقن وحسن حامد !! فيالها من مكافأه تستحق ،،وقبلت التحدي. 
واتت ايام الامتحانات وانطلق عبد الحليم برائعته موعود ،،فكانت تدفعني للتحدي اكثر وتذكرني دائما بأنني من ابي موعود, وحققت الامنيه ،،واستلمت ال ( جنيه ) ،،ولم اترك فيلما واحدا طوال صيف 71, مرت الايام ،،،وعرفت ان جار لي مهجر من اسماعليه شاهدته،،اسمه مصطفي قصير وقليل الجسم متفوق ،،يلعب كرة القدم بالمدرسه احيانا ،،حتي التقينا سويا في اولي ثانوي بفصل المتفوقين.
كنت الاول علي المدينه في تالته اعدادي ،،كوني كنت اركز مذاكرتي في الشهادات المهمه فقط , أتت الحرب اول العام ،،وتعرفت بمصطفي ،،ولكني تركت المذاكره الا بعض القراءه في التاريخ لرحلات ماجلان ،،واعمال مايكل انجلو ،،واشعار المتنبي والعراك الشعري بين جرير والفرذق الذي وصل بهم الحال ان هدد جرير الأخطل بقطع انفه قائلا ( جدعت انف الأخطل ) !! تركت التفوق جانبا ،،تاركا الفرصه لمصطفي لمزيد من التفوق ،،ولكنه اصبح لي في الحاره شبه منافس ،،وعنيد ،،ويحمل من الهدوء والتحدي والصبر والمثابره الكثير ،،فتفوق علي كثيرا في تلك السنه بفارق كبير جدا ،،لاني كنت لا اترك الكره وكثير للمتابعه بالهدوء المخيف الذي تلي النصر العظيم ،،والذي كان يحمل ايضا بعض الشكوك.
عاد ابناء القناه الي مدنهم ،،وانتظرت ان يعود مصطفي الي بلدته ويرحمني من منافسه, الا انه بقي ،،واستقر في حارتنا ،،واصبح منافسا قويا ،،وبدأت الرحله ،،
اتت تانيه ثانوي فقررت ان اقوم ببروفه استعدادا لتالته ،،وكانت بروفه ناجحه اقتربت فيها من مصطفي كثيرا وتقلصت الفجوه, الي ان اتت تالته ثانوي, كنا نذهب سويا ،،نتقابل يوميا سالكين طريق واحد لم يتغير ،،مختلف في الرجوع فقط ومعنا رفيق تالت خارج المنافسه ،،،كان لا يخلو الامر من مكر من الطرفين بادعاء عدم المذاكره, وكانت هوايتنا التي نمارسها احيانا هي النط من علي سور المدرسه وشراء سندوتشين الطعميه من المنشاوي الله يرحمه ،،واحيانا شراء سيجاره ( دو موريه ،،سوبر كينج ) نتقاسم انفاسها خلسة تحت السور بجوار مبني امن الدوله حاليا ،،احتدمت المنافسه ،، وكبر الموضوع جدا معي وقلب بتصميم وتحدي من الطرفين ،،كنا لا نعلم شيئا عن الدروس الخصوصيه ،،ولكن القليلين 
منهم كنا نتعامل معهم وكأن ( علي رأسهم بطحه ) ،،ونتملك القليل من الملخصات خارج كتب الحكومة, حاولت ان استعير من مصطفي كتاب الاضواء كي انقل منه بعض مقالات لذكي نجيب محمود والتي كانت اساسيه في امتحان اللغه العربيه وسؤال اساسي تبدأ به ورقة الامتحان دائما ،،لم يعطني مصطفي الاضواء ،،شيلتها جوايا منه ،،ولكنها لم تؤثر علي صداقتنا, كان مقرر علينا مستوي خاص ،،لغه عربيه وميكانيكا ،،وكان لها كتاب خاص يباع في مكتبة رفعت بعشره قروش, فاستجمعنا قوانا واشتريناه مناصفة علي ان نتبادله يوميا, ،كانت لا تخلوا حواراتنا من مناقشه لمعاني غنوة قارئة الفنجان ،،وكيف انها اتت في وقتها ونحن حبيسين للكتب والمذاكره ،،وماذا حدث من هرج ومرج ليلة شم النسيم كادت به ان تفسد السهره والتي عرفنا بعد سنوات ( ان صفوت الشريف ارسل بلطجيه لانهاء الحفل نكاية في عمر خورشيد بسبب الصراح علي صداقة سعاد حسني ،،وكون الاغنيه تحمل من كلمات تدعو وتتغني للحريه ) 
وكان قد بدأ عصر القمع وتصفية الحسابات من السادات مع قوي اليسار ،،
استمرت المنافسه ،،حتي اتت ليلة امتحان المستوي الخاص للغه العربيه ،،فكيف سنتصرف في مسألة الكتاب المشترك كؤوس؟؟ اتفقنا ان ابدأ انا به ،،ويستلمه مني 9 مساء, وقد كان ضرب مصطفي علي الباب ،،نزلت ،،وماطلت معه في اعطائه الكتاب ،،واصر هو ،،واصريت انا علي ساعه اضافيه لي ردا لما فعله معي في كتاب الاضواء ،،فكانت نداله مني شويه مازلنا نذكرها للان !! واخيرا اعطيته الكتاب بعد عناء منه واصرار. ظهرت النتيجه ،،وتفوقت عليه بدرجتين, وانتصرت ،،ودخلنا طب المنصوره سويا ،،وابتعدنا قليلا عن بعضنا في السكن وال ( سكشن ) ،،انتهت بالنسبه لي مسألة المنافسه ،، وفطنت اني سوف اكون طبببا طال الوقت ام قصر, ولكن المسأله بالنسبه لمصطفي لم تنته ،،،فقد كانت منافستي مع مصطفي فقط , اما مصطفي فكانت معركته مع الحياه والعالم والعلم ،،فاستمر في بذل المجهود المضني المرهق ،،ملتزما بالحضور والاستقتال في للتفوق ،،وحقق بالفعل تقديرات عاليه وكان من المعدودين في الدفعه الذين لا يكلون ولا يملون عن اعلي الطموحات ،دفي نفس الوقت اهتممت انا بالعلاقات, والامور الحياتيه ومتابعة احداث سياسيه وكرويه واجتماعيه ،،ولم اكن احب دراسة الطب كونها تخلوا من اي ابداع او تحريك للعقول ،دفكانت مواد صلده صعبه تعتم علي الحفظ ،،وتحتاج لمجهود قاسي في الحفظ للتفوق فيها ،،نجح فيها مصطفي بجداره ،،واكتفيت انا بتقدير ال ( جيد ) مجملا.
انتهينا من الكليه واصبح لمصطفي فيها الفرصه للتعيين كمعيد بقسم العظام ،،وانهي الماجستير حتي بدأت عليه الضغوط من كبار الاساتذه للتنازل عن التعيين كمدرس مساعد لاعطاء فرصته لاخر ( مسنود اوي اوي ) ،،ووصل الامر لمساومته علي مفاتيح سياره ملاكي يمتلكها الاخر ولكنه ابي ورفض ،،وعاند وقاتل واستمات في اخذ حقه, وانتصر مصطفي بعناد وجداره واستحقاق ،،وتفوق كثيرا علميا وعمليا,  واصبح رئيس لقسم العظام الذي وقف ببابه كثيرا كي ينال رضا الكبار كي ينصفوه ويعطوه حقه وثمن كفاحه وتفوقه, ومازال متربعا للان علي عرش العظام بجداره واستحقاق ،،ورغم ما طرأ غلي شخصه الجميل من تغيرات في شكل توترات, وكثرة التدخين ،،الي انه مازال يحمل الخفه والجمال والاصاله وعشق الماضي والذكريات ،،والحنين الذي لم يفارقه الي الان حتي في بوستاته ( رغم خروجه عن النص احيانا….) !! الا انه يستحق مانال واكثر ،،
احييك يادرش ،، فربما تكون انت السبب الذي ارسله لي المولي كي انافسك واصبح طبيبا ،،،

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *