الاسلام.. رسالة سماوية منزهة، ولا يوجد على الإطلاق مسمى الإسلام السياسي، وأن تناول المصطلحات دون تيقن من نتائجها وما تخلقه من التباس فى المفاهيم لهو أمر خطير، أدى فى الماضى إلى صراع فكري ومادى حتى اليوم، وسقط من جراء ذلك عشرات الآلاف من الأبرياء، ولذلك قبل إطلاق أي مصطلح لابد من التعريف بما يحمله من قيم وسلوك وخير للإنسانية.
كما أن الإسلام رسالة الله للناس أنزلها على رسوله الكريم، ليبلغها للناس كافة فى قرآن كريم، وآيات بينات تضمنت التشريعات الإلهية والعظات التوجيهية والأخلاقيات السامية التى تضع أسس الرحمة والعدل والإحسان والتعاون فى العلاقات بين الناس جميعا، دون تفرقة بين لون أونسب أو وطن، وكان لابد من تصحيح اسم الإسلام السياسي.
إن الإسلام دين سماوي مقدس لا يجوز العبث باسمه فى المجالات الدنيوية، على سبيل المثال الاقتصاد الإسلامي، والتاريخ الإسلامي، والإسلام السياسي، والمؤتمر الإسلامي، وأن كل تلك المسميات والمصطلحات لا يجوز استخدامها على الإطلاق إلا فيما يخص الرسالة الإسلامية وما ترمى إليه مقاصد الآيات الكريمة لما ينفع الإنسان فى حياته وبعد مماته، وأن تلك الممارسات تعتبر تجنيا خطيرا على دين الإسلام، والإسلام رسالة إلهية، والمسلمون بعض عباده، فلا يجوز الخلط بين الرسالة وبين اتباع الرسالة، فا لإسلام رسالة مقدسة منزهة عن الخطأ والهوى والأنانية والمصالح الشخصية، لأنها رسالة من الخالق سبحانه لعباده، أما عباده فهم بشر، يخطئون ويتبعون الهوى، وهم أنانيون يستبيحون كل المحرمات لتحقيق مصالحهم الخاصة.
وهنا أريد تصحيح ما يطلق عليه الإسلام السياسي لعدم وجود ذلك المسمى فى الحقيقة ليحل محله توظيف الأديان لتخدم المصالح السياسية، وتحتل الأوطان باسم الدين، كما حدث فى احتلال فلسطين باسم الدين اليهودي، والقتال من أجله ، وكما حدث فى الماضي الحروب الصليبية التى أسقطت دولا، واستباحت أوطانا وقتلت عشرات الآلاف باسم الرب، ولا نستثني المسلمين فى كل العصور، فحتى اليوم يستخدمون الدين، فباسم الإسلام يفتلون الأبرياء مسلمين وغير مسلمين، و يستبيحون كل المحرمات للوصول للسلطة، فالأديان محرم توظيفها فى خدمة الأهداف السياسية تحت مسميات دينية، لأن ذلك افتراء على الله وعلى رسله حين يصفهم الله سبحانه بقوله (قُلْ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ) سورة يونس (69).
لكل ما سبق وما سيأتي، أدعو إلى ضرورة إعادة الاعتبار للإسلام، رسالة الله للناس جميعا، وعدم توظيفها فى خدمة مصالح سياسية من قبل بعض المسلمين للوصول إلى السلطة، وعلينا أن نفرق بين رسالة الإسلام وبين اتباع الرسالة من المسلمين، لأنهم ليسوا سواء، ولا يجوز احتساب تصرفات المسلمين كبشر على رسالة الإسلام، كما يحدث من جرائم ينفذها بعض الطوائف المارقة من بعض من ينتمون للإسلام، مثل داعش والقاعدة والتكفيريين والإخوان المسلمين ، وغيرهم من عملاء أعداء الإسلام، يدمرون المدن، ويقتلون الأبرياء، ويسترققن النساء ويغتصبون الأطفال، ويقتلون الكهول,
كما أن مثل هؤلاء لا يراعون حرمة الله الذى حرم قتل النفس البريئة، ويستبيحون كل ما حرم الله، وهم مفسد ون فى الأرض، وقد حكم الله عليهم بقوله (إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلَافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ۚ ذَٰلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا ۖ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ) المائدة (33).
نضف إلي أشرنا إليه ونصحنا به التأكيد على أن كل المؤسسات الدينية فشلت فى الدفاع عن رسالة الإسلام وأغمضت أعينها عن الذين يستبيحون باسم الإسلام كل المحرمات جهلا أو نفاقا أو مشاركة معهم فى نفس الفهم والعقيدة، مما يجعلني أطالب كل من نصب نفسه حاميا للدين ومدافعا عن رسالة الإسلام أن يعود إلى رشده ويتفي ربه قبل أن يأتى يوم لا ينفع فيه مال ولابنون، وليستعينوا بالقران وحده لكي ينقذهم من اعتقاداتهم الباطلة التى أسست على الرويات، وأهملوا الآيات خسروا أعمالهم فى الدنيا والآخرة والله على كل شيء شهيد.