الخلافة نظام حكم وليست مبداً دينيًا أو أمرا إلهيا، فهي كمسمى الإمارة والجمهورية والملكية، وليس لها ميزة عن غيرها من مسميات أنظمة الحكم في العالم، ولا علاقة لها على الإطلاق بالدين.
وإذا نظرنا في التاريخ نظرة إنصاف، سنجد كم كبير جدا من الجرائم التي ارتكبها خلفاء بني أمية والخلفاء العباسيون ضد إخوتهم المسلمين، نضف إلى ذلك، الصراعات التي استمرت عقود، ولم يمنعها مصطلح الخلافة من الاعتداء والصراع من أجل السلطة والمصالح الشخصية الضيقة والأطماع السياسية ، ولكن دائما وأبدا نجد المنافقين يستخدمون مصطلح الخلافة في محاولة مستميتة منهم لتزييف الحقائق وإغواء الأميين لإتباعهم، وليكونوا وقودًا لمعاركهم وأطماعهم السياسية لتحقيق أهدافهم على حساب الإسلام والمسلمين!!
فكما استخدم الإسلام في قضايا سياسية، ورأينا حجم الدماء التي أُسيلت وتُسال حتى اليوم، وقطع رقاب الأبرياء لم يتوقف بشعار “الله أكبر” علمًا بأنهم لو كانوا مسلمين حقا، لرفضوا أن يفسدوا في الأرض ولم يعتدوا على الناس، ولم يدمروا أوطانهم ومدوا أيديهم يشاركون أعداء الله وأعداء الوطن تدمير بلدانهم وتشريد أهاليهم، فشعار “الخلافة” الذي يتشدقون به هناك وهناك، هو أكبر أكذوبة انطلت على الأغبياء والجهلاء، ليكونوا وقودًا للظالمين في حروبهم ضد الإنسانية وضد شعوبهم.
العثمانيون إذا لديهم تاريخ أسود ملطخ بدماء المسلمين وغير المسلمين، استباحوا الإسلام وجعلوه مطية لأطماعهم، واحتلوا باسمه أكثر الدول العربية بالحديد والنار، وتركوا خلفهم آثار الدمار في الأقطار التي احتلوها، ولا ينسى الأرمن للدولة التركية قيامها بإبادة مليون ونصف مليون أرمني في سنة ١٩١٤/١٩١٥ باسم الإسلام، الذى قررت تشريعاته تحقيق الأمن والاستقرار لرعايا الدولة التي تحكمهم.
كما لا ننسى للسلطان سليم الأول أنه قام بقتل شقيقه ليتسلط على الحكم، كما ان سليم الثاني قتل شقيقه بايزيد وأبناءه الصغار، أما السلطان محمد الثالث فقد كان أكثرهم إجراما وقساوة، حيث قتل تسعة عشر من أشقائه، ولم يرحم الأطفال فكان بينهم ثلاثة رضع وخمسة أطفال، والسلطان مراد الرابع قتل أشقاءه الثلاثة.. تلك أخلاقيات سلاطنة المسلمين .
فكل من يدعو لعودة الخلافة هم مغيبون عقلا ومشتتون فكرًا يعيشون أحلام اليقظة ويتبعون الوهم، ولننظر اليوم ماذا فعلت الدولة التركية بجيرانها العرب في العراق وسوريا؟
وماذا ساهمت فيه من تخريب للدول العربية بتبنيها فرق الاٍرهاب من “داعش” و”النصرة” و”الجيش الحر” الذى باع وطنه بسعر بخس لصالح أعداء دولته الأتراك وما قاموا به من تدمير وتقتيل دون وازع وضمير.
فأين إذا تعاليم الإسلام من كل هذه الجرائم؟!.. بل أين أوامر الله، بعدم الاعتداء على الجار، وعلى إخوتهم من المسلمين وغيرهم من الناس؟!
وهل ما يريده الشيوخ الاستمتاع بدماء إخوتهم وتشريدهم في كل بقاع الأرض.. ألم يأمرهم الإسلام بقول الله سبحانه “وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ ۖ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا ۖ وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ ۖ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ ۖ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ”.. سورة القصص.
وهل مثل هؤلاء المحسوبون اسما على الدين الإسلامي، قد اتبعوا شعار الاسلام الذي يدعونه؟!.. بل هل احترموا قيم القرآن فى الرحمة بالناس والإحسان إليهم وعدم قتل النفس إلا بالحق؟!.. إنهم إذا لمنافقون وكاذبون ويقول فيهم سبحانه “يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ (9) فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا ۖ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ)(١٠) .. سورة البقرة.
وقد حذرهم الله في قوله سبحانه بقوله: “وَتِلْكَ الْقُرَىٰ أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِم مَّوْعِدًا (59).. سورة الكهف.