بدأ العام الجديد بتسونامى من عدم الاستقرار والتوترات تشهده منطقتا الشرق الاوسط وشرق البحر المتوسط ، حيث من المتوقع أن يكون الربع الأول من العام 2020 مسرحا لأحداث فى غاية الخطورة. وتأتى فى مقدمة هذه التوترات الاوضاع فى كل ليبيا والعراق!! ومن الملاحظ أن ايران وتركيا والولايات المتحدة أطراف مباشرة فى الصراع الذى يتطور بسرعة كبيرة؛ الأمر الذى يؤثر بلا شك على دول المنطقة بل دعونا نقول إن الصراع اصلا يستهدف هذه الدول ومصر تأتى فى المقدمة نتيجة إفشالها مخططات التفتيت وكشفها أطماع أطراف اقليمية ودولية فى المنطقة العربية فى ظل غياب ما يمكن تسميته «التعاضد القومى». وما يعنينا فيما نعرضه وبناء على ما تقدم أن الأمن القومى المصرى يواجه تحديات حقيقية من جهة الحدود الغربية نتيجة تدويل النزاع فى ليبيا بعد توقيع اتفاقيتى التفاهم بين حكومة أردوغان وحكومة الوفاق الليبية برئاسة فايز السراج اللتين تعطيان الحق لأنقرة في إرسال قوات عسكرية لليبيا وهو ما يتعارض مع قواعد القانون الدولى فى أمرين واضحين:
أولا: الحقوق الاقتصادية البحرية للدول المتشاركة فيها بشرق البحر المتوسط لا تعطى اى حق لاتفاقات منفصلة تمس أو تتماس مع حقوق الآخرين ويحكم الموقف التركى عنجهية أردوغان التى تعيد للاذهان احلام الدولة العثمانية القديمة وأطماعه فى ثروات البحر المتوسط من النفط والغاز بالانتشار فى جنوب المتوسط.
ثانيا: اتفاق الصخيرات الذى يهدف تحقيق تسوية سياسية بين الفرقاء الليبيين لا يسمح للسراج بتوقيع الاتفاقيتين دون الحصول على موافقة مجلس النواب الليبى وما يعد خرقًا للاتفاق المذكور من جهة، ويؤكد أن حكومة الوفاق اصبحت عير شرعية من جهة أخرى حيث ينص الاتفاق على أن مدة المجلس الرئاسى عام واحد فقط يجدد لسنة واحدة ونحن الآن فى عام 2020 واتفاق الصخيرات وقع عام 2015 اذن حكومة السراج اصبحت منتهية مع ملاحظة انها المعترف بها دوليًا ما يؤكد أن ثمة قصورًا فى السياسة الدولية تجاه ليبيا!
ويمكن القول إن التدخل العسكرى التركى سوف يستبيح الاراضى الليبية وتحويل هذا البلد العربى إلى ساحة حرب مع الارهاب ومركز تجميع للارهابيين على غرار ما حدث فى سوريا ويظل الطرف التركى الداعم لهم وتتطلب هذه التطورات – كحق مشروع – أن تقوم مصر باتخاذ كل الإجراءات الاحترازية لحماية أمنها القومى من جهة الحدود الغربية ومنع التعدى على حقوق سيادتها البحرية فى شرق المتوسط ومنع اى اعتداء يهدد سلامة الدولة المصرية.
ويبرز سؤال: هل قرر أردوغان «اللعب بالنار» دون أن يحصل على الضوء الاخضر للمضى فى تنفيذ مخططه؟ بالنظر إلى ردود فعل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبى لما أقدم عليه الرئيس التركى والتى توصف بأنها غير حاسمة – رفضا أو تأييدا – ومغلفة بعبارات دبلوماسية هادئة نعتقد أن أردوغان قد حصل على موافقة شركائه فى «الناتو» ما يعنى أن الموقف جد خطير اذا لم تتدخل الجماعة الدولية سياسيًا وتوقف تحويل ليبيا إلى يمن جديد قد يستمر النزاع فيها لسنوات أخرى تالية وتبعد المنطقة عن شفا الحرب التى باتت طبولها تسمع عن قرب أما ما يحدث فى العراق من تطورات فله حديث آخر!