في إطار ظاهرة العولمة، امتدت أنماط المنافسة الدولية من اقتصاد السوق لتشمل الجوانب السياسية والثقافية، ومن الناحية الجغرافية امتدت ثقافات المجتمعات الغربية إلي الدول النامية مغيرة شكل تنظيمها الاجتماعي، ويري البعض أن هذا التطور يشكل تهديدآ للثقافات الوطنية التي تتعرض لاختراق الثقافات الوافدة عبر وسائل الاتصال الدولية. وبالرغم أنه من المتفق عليه أن الثقافات الوطنية تنمو وتزدهر من خلال احتكاكها بالثقافات الأخرى، إلا أنه ساد التخوف من تعرض بعض الثقافات الوطنية لفقدان هويتها، وأنه بدلآ من التبادل الثقافي المتوازن والتعددية الثقافية توجد محاولات لفرض قيم ثقافية معينة علي باقي الدول. وطالما أن الثقافة هي أسلوب حياة، فإن إدخال قيم ثقافية وافدة إلي مجتمع ما ، سيؤدي علي المدي البعيد إلي ضعف أسس هذا المجتمع فيما يتعلق بالعلاقات الاجتماعية والإبداع الفني والأدبي والأنماط الثقافية. كذلك أسفرت ظاهرة العولمة عن تداعيات خطيرة في المجال الإعلامي، حيث أتاحت تكنولوجيا الاتصال الحديثة العديد من الوسائل والوسائط التي أزالت الحدود الجغرافية، وقربت المسافات، وسهلت الحصول علي المعلومات وتصنيفها وتخزينها وتداولها بشكل فوري متخطية قيود الوقت والمساحة. فقدت الحكومات الوطنية احتكار البث الإذاعي والتلفزيوني الذي يتلقاه مواطنوها، وتم إعادة هيكلة نظم وسائل الإعلام من خلال فتح المجال أمام تأسيس خدمات إعلامية غير حكومية لتعزيز القدرة علي المنافسة في السوق الإعلامية المفتوحة، واتجهت صناعة الاتصال المجاهيري إلي التركيز في كيانات ضخمة وملكية مشتركة متعددة الجنسيات، وامتد هذا التركيز من السلاسل الصحفية إلي شبكات الراديو والتلفزيون، ونظم الكابل، والحواسيب الإلكترونية، وصناعة الإلكترونيات، وفي حالات كثيرة امتدت أنشطة هذه الكيانات الإعلامية العملاقة إلي تملك وإدارة أعمال أخري ليس لها علاقة بصناعة الإعلام. أسهمت التكنولوجيا الحديثة في طمس الهويات الثقافية الوطنية، فالهوية في الأساس معناها التفرد بكل ما يتضمنه معني الثقافة من عادات وقيم وسلوك ونظرة إلي الكون والحياة، وقد ساعدت التكنولوجيا الجديدة علي زيادة درجة " التنميط" التي هي بطبيعتها نقيض التفرد. وامتد تأثير تكنولوجيا الاتصال إلي كثافة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي عبر شبكة المعلومات الدولية ليفتح آفاقآ جديدة في التبادل المعرفي. وللحديث بقية..