قال الدكتور محمد حمزة الحسيني، الخبير الاقتصادي، إنه خلال الـ10 سنوات الماضية الدولة الوحيدة التي تعتبر من الدول العظمى اقتصاديا والتي كانت تتحرك دائمًا لاستغلال الفرص الاستثمارية لقارة أفريقيا هي الصين فقط، مشيرا إلى أن مصر عندما ترأست الاتحاد الأفريقي في 2019 بدأت في ثورة جديدة من التسويق لأفريقيا، وكانت مصر تسوق بناء على تجربتها كدولة أفريقية واقتصادها تم تعديل بوصلته لاقتصاد منفتح متعدد القطاعات وحقق أعلى معدلات نمو عالميًاومن هنا أصبحت الدولة مصرية مثالًا ونموذجًا حيًا للترويج الاستثماري.
وأضاف “الحسيني”، خلال لقائه بفضائية “النيل للأخبار”، مساء اليوم الثلاثاء، أن هناك 6 دول في قارة أفريقيا حققت إصلاحات مشابهة لمصر وحققوا تجارب ناجحة في الإصلاح الاقتصادي والتنموي، موضحًا أن منظور الدول العظمى اقتصاديًا للقارة الأفريقية سابقًا كان يتمثل في أن أي قمة أو مؤتمر يُعقد في أفريقيا يُعد مؤتمرًا مانحين ومتبرعين؛ لأنها عبارة عن قارة كانت تعاني من الحروب الأهلية والخلافات الجذرية والمطامع والفساد وغيره، مشيرًا إلى أن سبب نظر بريطانيا للقارة الأفريقية في هذا التوقيت بالتحديد يرجع إلى أن رئيس وزراء بريطانيا الجيد انتهج سياسة جديدة لبريطانيا وسماها “بريطانيا العالمية” والتي معروفة ببريطانيا العظمى منذ قديم الأزل، ولكن خطة رئيس الوزراء الجديد تتمثل في فتح بريطانيا على أسواق المال والأعمال عالميًا، موضحًا أن بريطانيا بالفعل تمتلك مكانة قوية عالميا في أسواق المال والأعمال ولكنها تُريد الاستقلالية عن الاتحاد الأوروبي والبحث عن شراكات غير تقليدية وهذه تُعد بمثابة البداية لبريطانيا الجديدة.
وأوضح أن سبب توجه بريطانيا لخروجها من الاتحاد الأوروبي يرجع إلى أنهم يتجهوا حاليا للاستثمار والاقتصاد الحر المتنوع والتخلي عن أي تشابكات أو تكتلات والعودة لدول الكومنولث، لأن بريطانيا على مدار 150 عامًا كان لها تركة كبيرة جدا في أفريقيا ودول مختلفةعلي مستوي العالم ولكن بعد وجودها في الاتحاد الأوروبي تأخرت عن الانفتاح اكثر والشراكات الدولية وذلك لان المشكلة الرئيسية في أن الاتحاد الأوروبي في أي قرار ترويجي أو انفتاحي أو شراكة تاخد إجراءات معقدة بمدد زمنية طويلة منا يتسم بالبيروقراطية وذلك نظرًا لعدد الدول في الاتحاد الأوروبي ، مشيرا إلى أن بريطانيا أرادت التحرر من هذا التكتل وتغيير سيئاتها الاقتصادية لأنها نظرت للصين وروسيا والولايات المتحدة الأمريكية وتكتلات دول مجلس التعاون الخليجي الذين أصبحوا ينافسوا منافسة شرسة وأيضا نظرت للدولة المصرية في قارة أفريقيا التي حققت طموحات لم تكن متوقعة.
وأرجع السبب وراء مشاركة مصر في القمة البريطانية الأفريقية للاستثمار؛ إلى أن أفريقيا قارة غنية بالمواد الخام غير المستغلة وتحديدا بعد مئات السنين نتيجة الحروب والصراعات التي عانت منها القارة الأفريقية، موضحًا أن أفريقيا هي القارة الأولى في العالم الغنية بالمواد الخام، مشيرا إلى أن بريطانيا وأوروبا دول مصنعة وهذه الدول تحتاج للمواد الخام ولذلك تم اختيار مصر للمشاركة في القمة مرئية للاتحاد الأفريقي ومثال ناجح للشراكات الاستراتيجية مع دول افريقيا ، لافتًا إلى أنه في القرن التاسع عشر كانت أي دولة تطمح للثورات الصناعية كان يحصل على المواد الخام عن طريق الاستعمار، وهذا الأمر تغير تماما بعد عصبة الأمم المتحدة وتغييرها لمنظمة الأمم المتحدة واقرار القوانين والأعراف الدولية التي تمنع الاستعمار وتنشر مباديء السلام، وأصبح الباب مفتوحًا أمام الشراكات الاستراتيجية والشراكات الاقتصادية فقط.
ولفت إلى أن بريطانيا عقدت قمة وليس مؤتمر لأن القمة عبارة عن شراكة استراتيجية بين صناع القرار المتمثلة في رؤساء الدول ويليها القرارات التنفيذية وتنفيذها من قبل الحكومات ويليها المنظمات والجمعيات المهتمة بالشأن الاستثماري ويليها مؤسسات القطاع الخاص، موضحًا أن القمة تتضمن ورش عمل يتم عرض الفرص الاستثمارية الواعدة في القارة الأفريقية والتي بدورها تجعل المستثمر البريطاني ليقوم بإنشاء افرع او مكاتب تمثيلية في دول القارة الأفريقية الجاذبة للاستثمار.
وأوضح أنه خلال 20 سنة سيصبح عدد سكان أفريقيا ربع سكان العالم، وهذه تُعد قوة بشرية لسوق العمل الدولي؛ لأن تكلفة العامل الأفريقي بسيطة مقارنة بالعامل الأسيوي أو الأوروبي أو العامل الأمريكي، حيث ان العامل الأفريقي بعدما يحصل على التدريب الكامل يُعطي إنتاجًا بنفس مقومات الإنتاج الخارجي ولكن بتكلفة أقل بالنسبة للمستثمر الخارجي، مشيرًا إلى أن مصر بها بُعد لوجيستي مُتمثل في قناة السويس وفي هذا الامر بالتحديد نظرت بريطانيا لروسيا واستثماراتها العملاقة في محور تنمية قناة السويس والتي كان آخرها إنشاء مدينة صناعية كاملة داخل محور تنمية قناة السويس.