هذا النوع من الفن ليس المشكلة الكبرى ففي أي زمان وأي مكان في العالم هناك فن وادب يزعم اصحابه انه راق ، وفن آخر ذات نفس الناس يصفونه بأنه هابط, المشكلة ان هذا النوع من الفن صار جمهوره من جميع الطبقات وليس الطبقة الاقل تعليما وثقافة فقط, المشكلة ان الساحة شبه خالية الا من هذا النوع من الفن.
حمو بيكا وحسن شاكوش وغيرهم من المهرجاناتيين الاوائل مصنفين حتى ممن يسمعهم انهم من بيئات اقل ثقافة وتعليما ووعيا , لكن الاستاذ عمرو دياب المصنف فنان الصفوة والمتعلمين تعليما عاليا في رأيي الشخصي أكثر خطورة لأنه أكثر تأثيرا في شباب الطبقة المفترض انها الراقية ، واسمعوا رائعته يوم تلات لات لات لات لات تلات بنات نات نات نات نات فتفتوا الفتافيت وفتنوني …. المهم انه قضى يوم مع تلات بنات شقطهم بالصدفة على البحر ( واعتذر عن لغتي الهابطة حيث اني بتاع مجانين ومعاشر مدمنين ومجرمين وقلالات العقل وقلالات الادب وبلوة سودة) المهم الفنان الراقي بقى محتار يعشق السمرا ولا البيضا ولا الحمرا حيث أن ” كل عود وعود احلى م التاني ” وتعرض لضغط نفسي عنيف جدا ” عشنا يوم جميل احلى ما اتخيل واحده واحده عليا بتميل ” …. ابقوا اسمعوها وشوفوا بقى الفن الراقي الهادف والقيم والاخلاقيات بتاعة الطبقة الهاي ودي اجازتها المصنفات وبتتغنى في حفلات عامة للصفوة . ايه الازدواجية الرهيبة دي يا حماة الاخلاق !!! أكرر عمرو دياب من وجهة نظري أخطر وأكثر تأثيرا من المهرجانات بكتير بس محدش يقدر يفتح بقه .
يقول عمنا نزار قباني رحمه الله ” أنا ممنوع في كل مكان ، إذا فأنا مقروء في كل مكان ” وأنا أذكر أن عمهم أحمد عدوية تم منعه تماما وقت لم يكن هناك انترنت ولا يوتيوب ولا كمبيوتر اصلا فاشتهر اكثر واكثر ، للأسف ذكاء المتصدين ل (الفن الهابط) جعلهم يروجوا له وشهروه اكثر واكثر ، اسلوب المنع البائد فاشل فاشل فاشل .
طيب ياذكي راح حمو بيكا وشاكوش ورمضان طيب الجمهور اللي سعى ليهم (اللي هوه المشكلة الحقيقية ) هاتعمل فيه ايه ؟ وهم في رأيي ثلاثة انواع : 1- الجمهور المتواضع الثقافة والتعليم والفكر اللي شايف الفن ده بيعبر عنه ، او 2- الجمهور العالي التعليم لكن بلا فكر ولا معرفة حقيقية وبداخله خواء كبير يسمح بأن تملأه أي هيصة ، 3- الجمهوراللي بيتسلى “احيانا” بسماع “بعضهم” على سبيل الدعابة لكن هو عارف ده ايه وبيستمتع اغلب الوقت بفن آخر ( وأنا منهم) وده متخافش منه . الجمهور الاولاني والتاني هايصنع حمو بيكا ورمضان تانيين بنفس الاتجاه والمستوى .
سيبكوا من حكاية فن هابط وفن راقي دي عشان ممكن تبقى برجوازية استعلائية لفن ومواضيع وطريقة تناسب طبقة ما من الشعب لها الحق في الوجود والاستمتاع بما يتناسب معها فكريا واقتصاديا ، لكن هناك فن جيد وفن ردئ طبقا لقواعد علمية فنية محدش بيتكلم عن رداءة هذا الفن ولا بينقده فنيا من حيث اداء المطرب ونظم الكلمات والالحان والتوزيع ولا الاعمال الدرامية والسينيمائية بتاعة محمد رمضان فهناك سقطات فنية عظيمة في بعض الاعمال من ناحية السيناريو والاخراج والتصوير والديكور وحتى في اداء رمضان نفسه رغم انه ممثل موهوب اساسا لكن طبعا العقلية التي تدير هذه الموهبة اهدرتها تماما . كل مايقال هو عيب ومايصحش لكن مفيش نقد موضوعي يشير للايجابيات ان وجدت ويضحد السلبيات ، الفن الردئ يُقَوَّم بالنقد الفني الممنهج ويُقاوَمْ بصناعة فن جيد مواجه وليس بالحكم والدمغ والشتيمة ولا بالمنع .
بالمناسبة الشيء الجميل في مهرجان بنت الجيران هو الجملة اللحنية الجاذبة ، لكن للاسف طلعوا سارقينها من اغنية حماقي “فيه حاجة جوه قلبي مستخبية” للملحن الشاب مدين وهذه الخطيئة الاعظم التي كان يجب أن يحاسبوا عليها !!
– لابد ان نواجه حقيقة ان النتاج الفني هو انعكاس لحالة وعي المجتمع والغالبية فكريا واخلاقيا وتلك هي الكارثة الحقيقية ، ليس وجود الفن الهابط ولكن سيادته الساحة لدرجة ان يصبح “نمبر وان” واستئثاره بالذوق الغالب واختراقه لكل الطبقات العليا والدنيا وانحسار الفن الجيد الذي كان من المفترض أن يتصدر المشهد ويحد تماما من الفن الردئ (الذي لايمكن الغاؤه في أي مكان ولا أي زمان بالعالم) .
للمرة الالف اكرر اننا نعاني من مشكلة أمية في بعض تقديرات منظمة الصحة العالمية (WHO) تقدر ب 50 – 60 % من الشعب ، هذا غير المتعلمين الجهلة ، ما فعله نوع اعمال محمد رمضان والمهرجانات انها فضحت الذوق العام والفكر السائد وحالة الاغلبية .
بدلا من الحجر على نوع من الفن كشف حالة وفكر الاغلبية ابدأوا مشروع مصري محترم يهدف لاستعادة واعادة تشكيل – وليس توجيه – الوعي الجمعي (الثقافي والفني والمهني والاخلاقي) تتضافر فيه جهود المؤسسات الحكومية (خاصة التربية والتعليم والاعلام والثقافة) ومؤسسات المجتمع المدني ، بل والافراد المهتمين
أخيرا وليس آخرا الحضارة انسان ، أذا ارتقينا به علما وتربية وتعليما وتثقيفا وتوعية وأخلاقا جاء نتاجه راقيا وصنع حضارة ، واذا اهملناه فلابد أن يتدنى ونتدهور حضاريا ، ( انا اتحدث عن كل المجالات ، فحالة الفن هي رمز لأدائنا في كل المجالات ) .