اعتاد الأكاديميون والدارسون والممارسون للعمل الصحفي والإعلامي أن يتلقفوا باهتمام أي كتاب جديد أو دراسة علمية لأستاذة الأجيال القديرة الدكتورة عواطف عبد الرحمن أستاذة الصحافة المصرية والعربية والإفريقية، فهي راصدة واعية وناقدة بارزة للمتغيرات التي يشهدها العالم المعاصر في مجال الصحافة والإعلام، ولها عشرات الكتب والبحوث والدراسات والمقالات النقدية، كما تخرج علي يديها آلاف الباحثين والممارسين للعمل الصحفي والإعلامي، وحازت الكثير من الجوائز والتكريمات نظير إنتاجها الفكري من مصر والكويت والبحرين وجنوب إفريقيا وجامعة الدول العربية، وكللت هذه الجوائز بنيل جائزة الدولة التقديرية في العلوم الاجتماعية لعام ٢٠١٤، وجائزة جامعة القاهرة للتميز في العلوم الاجتماعية لعام ٢٠١٧. تلك نبذة عن المؤلفة، أما عن الكتاب وعنوانه " بوابات التفكير المستقبلي" فقد صدر عن المكتبة الأكاديمية عام ٢٠١٩، ويقع في ٣٣٢ صفحة. تهدف أستاذتنا الدكتورة عواطف عبد الرحمن في هذا الكتاب إلي سبر أغوار المجهول في الزمن القادم وكشف الأسرار عما ينتظرنا كبشر. وهناك فارق كبير بين الاهتمام بالمستقبل كأفق غامض مجهول، وبين الدراسات المستقبلية كعلم يتيح للناس إمكانية ارتياد هذا الأفق المجهول وفك غموضه واكتشاف كوامنه وأسراره، الأول قديم يمثل البدايات الأولي للتطلع البشري إلي المعرفة الشاملة بالكون مستعينآ بالخرافة والتنجيم وأعمال السحر والكهانة، أما الثاني " الدراسات المستقبلية" فهو علم مستحدث له أصوله وقواعده وتجاوزه للخرافة والغيبيات،وقد تواكب ظهوره مع الثورة المعرفية والتكنولوجية التي استفاد منها ووظف أدواتها في سبر غور المستقبل واستشراف آفاقه. إن غاية الدراسة المستقبلية هي توفير إطار زمني طويل المدي لما قد نتخذه من قرارات يومية، لأن ما نتخذه من قرارات آنية وتصرفات راهنة سوف يؤثر بصورة أو بأخري علي مستقبلنا ومستقبل أبنائنا وأحفادنا، فعلينا إذن أن نتخذ قراراتنا اليوم آخذين بعين الاعتبار النتائج والتداعيات المحتملة لهذه القرارات علي مدي زمني طويل، وإذا تم ذلك فإننا نكون قد شاركنا بشكل إيجابي في صنع المستقبل، فالدراسات المستقبلية تساعدنا علي استشراف ما هو قادم واكتشاف المشكلات قبل وقوعها وتفاقمها، وإعداد السيناريوهات المحتملة للتعامل معها، واختيار البديل الأنسب من بين الاختيارات المتاحة. يضم هذا الكتاب ثلاث بوابات ، خصصت الأولي للبدايات التاريخية للتفكير المستقبلي والنشأة الغربية للدراسات المستقبلية، والجدل الفلسفي والعلمي حول ماهية وأهداف المستقبليات. وانتقلت المؤلفة في البوابة الثانية إلي رصد الأطر المنهجية للدراسات المستقبلية وإشكالياتها وتداعياتها. أما البوابة الثالثة فقد ركزت علي المستقبليات في العلوم الاجتماعية، واستشرفت مستقبل الصحافة الورقية والإعلام الإلكتروني والرقمي، كما عرضت لبعض النماذج من البحوث المستقبلية المحلية والدولية عن الصحافة والإعلام .. وللحديث بقية.