تنبأ عالم الفيزياء الفلكية والكونيات البريطانى مارتن ريس فى كتابه (ساعتنا الأخيرة OUR FINAL HOUR) قبل سبعة عشر عاما بأن العام 2020 سيشهد جائحة قد تؤدى إلى وفاة مليون إنسان ما يهدد الجنس البشرى بالخطر ولو كنا تعاملنا معه بجدية لامكن احتواء الجائحة اليوم على كل حال هناك سباق بين المختصين يجرى على قدم وساق للتوصل إلى علاج للفيروس المسبب للوباء واعتقد أن هذا يعنى تعاونا دوليا فى مجال البحث العلمى حيث ستغدو مكافحة الفيروسات احد مجالات هذا التعاون فى النظام العالمى الجديد الذى اصبحنا على بعد قاب قوسين أو ادنى منه فهل ينجح العلماء الأسوياء فى التوصل إلى سلاح مضاد يقضى على الإرهاب البيولوجى سواء كان متعمدا ام جاء بشكل طبيعى وهذا ما سيثبته تحقيق دولى محايد لمعرفة من يقف وراء الكارثة سواء كان دولة شريرة ام جهة متآمرة ام فردا اخطأ خطأ جسيما؟ ام تحورا طبيعيا للفيروس خرج عن السيطرة على اى حال سنحاول تقصى ماذا حدث لمعرفة الحقائق الغائبة ؟
لو تخيلنا خريطة العالم وتتبعنا انتشار الوباء منذ يناير الماضى بدءا من الصين ثم انحساره عنها وبدء انتقاله إلى أوروبا نلاحظ أن مسار الانتشار ركز على نصف الكرة الشمالى وهو يضم دولا غنية اقتصاديا متقدمة تكنولوجيا وديموقراطية سياسيا لا سيما بعد الانحسار عن البؤرة الاولى فى مدينة ووهان الصينية ونلاحظ أن الوباء لم يكن بنفس التركيز فى الدول ذات النظم الشمولية لأسباب عديدة منها أن المعلومات فى هذه الدول غير متاحة إلا بالقدر الذى توافق عليه السلطات هناك كما أن طبيعة التعامل مع الجائحة تتطلب سلطة واحدة مركزية قوية تتخذ القرار.
وفى كل الاحوال اثبتت ازمة كورونا أن دول الاتحاد الاوروبى والولايات المتحدة لم يكونوا على المستوى المتوقع فى التعاطى مع الازمة بعد التلكؤ فى التعامل معها فى البداية كما اثبتت كورونا هشاشة الانظمة الصحية فى هذه الدول المتقدمة ربما لانها لم تكن يخطر ببالها التعرض لمثل هذه الازمات رغم الكتابات والتحذيرات كما أن السينما العالمية انتجت كثيرا من افلام الخيال العلمى التى تناولت مستقبل العقل البشرى وكوكب الأرض!
ولاحظنا انه كلما انتقلنا من شمال العالم إلى جنوبه قلت الاصابات رغم أن اقتصادات دولة ناشئة وكثير منها فقير ومتخلف ولا تتمتع اصلا بخدمات صحية متقدمة خاصة فى الدول الافريقية جنوب الصحراء باستثناء جنوب افريقيا فى حين تعتبر الاصابات متوسطة فى معظم الدول العربية ومنها مصر بالطبع. غير أن هذا التقسيم الجغرافى يمكن أن يتغير وفقا لتطورات الموقف وطريقة التعامل مع الأزمة لتطفو على السطح مخاوف حقيقية من تأثير الجائحة على الدول الأكثر فقرا فى العالم فى المدى المنظور وستكون تأثيراته اللاحقة اكثر حدة مما شهده العالم المتقدم.
وهنا نقول إن العام 2020 سيكون نقطة فارقة فى تاريخ البشرية حيث تتشكل فى الأفق معالم نظام عالمى جديد يخرج من معطيات ونتائج ما شهده العالم فى الأشهر الثلاثة الاخيرة ومازال يشهده حتى كتابة هذه السطور وحتما سيكون نظاما مختلفا عن نظام ما قبل 2020 فى كل مجالات الحياة!