كشفت أزمة وباء كورونا المستجد عن عدم الانتصار الحاسم للنظام الرأسمالي الحر وفقآ لمزاعم الفيلسوف الأمريكي “فرانسيس فوكوياما” في كتابه ” نهاية التاريخ” والدي بشرنا فيه بالانتصار الحاسم للنظام الرأسمالي الحر بزعامة الولايات التحدة الأمريكية وسيطرتها علي أركان المعمورة. بل إن ما حدث هو النقيض، كم يتحقق التقدم والرخاء المزعوم، بل صار التدهور الاقتصادي، والصراعات العسكرية والحروب بالوكالة، والتدمير البيئي، والانحطاط الثقافي، وهي الأمور التي خيمت بطابعها علي الحياة اليومية للغالبية العظمي من البشر. وكانت المفارقة الغريبة هنا هي أن الدول القادرة علي مواجهة هذا الفيروس اللعين- حتي الآن- هي الدول المتهمة بالبعد تمامآ عن ممارسة الحكم الديمقراطي مثل الصين وكوريا الشمالية وكوبا وغيرها من الدول التي نجحت إلي حد كبير في التصدي للفيروس، وفي الوقت ذاته الحفاظ علي حياة الإنسان. أما الدول الديمقراطية الكبرى التي طالما تشدقت بالحرية والمساواة والحفاظ علي حقوق الإنسان، فقد مارست الكثير من الإجراءات الدكتاتورية بقدر أكبر مما هو مطبق في الدول الاشتراكية. ففي خلال ثلاثة شهور فقط فقد أكثر من ثلاثة ملايين مواطن أمريكي وظائفهم، مما دفع الرئيس “دونالد ترامب” لتفعيل قانون “الإنتاج الدفاعي” دون الاكتراس بخطورته علي سمعة ومصداقية الولايات المتحدة لدي العالم. ينص هذا القانون علي حق الحكومة الأمريكية في اتخاذ إجراءات قسرية يتم من خلالها تأميم مؤقت للشركات التجارية الكبرى للعمل لصالح الدولة وتحت إمرتها، ويضع موارد وإمكانيات وميزانيات هذه الشركات تحت سيطرة الحكومة الفيدرالية الأمريكية خلال فترة زمنية معينة، وذلك لإجبار القطاع الخاص علي التجاوب مع احتياجات الدولة والانخراط بشكل إيجابي في رفع الآثار الاقتصادية للأزمة. ينطبق الوضع نفسه علي أوربا الغربية باعتبارها مهد الحريات والنظم الديمقراطية والإخاء والمساواة، حيث باتت هذه القيم الإنسانية السامية موضع اختبار وتهديد بعد أن تقاعست معظم الدول الأوربية الغربية عن رعاية مواطنيها علي الوجه الأمثل بعد تفاقم الأزمة. وللحديث بقية..