لأول مرة منذ سنوات يُقدم مسلسل درامي في شهر رمضان يرتقي فوق اعلام التفاهة والمقالب والترويج للعنف والبلطجة والجنس والجديد فيه أنه يناقش قضية الإرهاب التي مازالت تشكل جزءا من الأحداث الجارية .
ويطرح نموذجين لشابين جمعتهما بدايات واحدة وفرقتهما نقطة الاختيار بين الحق والباطل وبين الوطن وخيانته ومن هنا يعبر أحدهما عن شخصية سوية تفهم معنى حب الوطن وأن الانتماء قيمة أساسية في تربيته واخلاقياته عكسها سلوكه تجاه والده وأسرته وترجمها عندما أصبح ضابطا مقاتلا في صفوف القوات المسلحة تجاه وطنه ويمثله احمد المنسي النموذج الآخر يعبر عن التطرف الفكري والفهم الخاطئ لمفهوم الدين والذي يتحول إلى سلوك عدائي للمجتمع ينتقل تدريجيا إلى تكفيره وارهابه وهو الإرهابي هشام العشماوي.
ومن ناحية الرؤية يعتبر هذا العمل الدرامي مزيجا بين التوثيق والسرد الروائي مستعينا بشخصيات من الواقع ولقطات حقيقية من مسرح الأحداث وهو أمر قليل ما يلجأ له صناع ومنتجو الدراما.
وأذكر أن من بين من استعان بهذا المزج هو المخرج محمد فاضل في فيلم ناصر ٥٦ بشكل جعله يفضل أن ينتج فيلما ابيض واسود في عصر سينما الالوان حتى يعطي للعمل مصداقية أكثر وكذلك تمت الاستعانة بلقطات من ارشيف الاخبار في فيلم ايام السادات للغرض نفسه .
نعود لمسلسل الاختيار الذي نجح في إضفاء قيم انسانيه ووطنية على الشهر الكريم الذي يأتي هذا العام ومصر والعالم تعاني من وباء كورونا فساهم بدرجة أو بأخرى في جعل البقاء في المنزل له متعة خاصة .
بإختصار سحب مسلسل الاختيار السجادة من تحت اقدام باقي ما قدم في رمضان وذكرنا بحالة من الزخم الوطني مشابهه لتلك التي حققها فيلم الممر عند عرضة على شاشات التليفزيون الفارق أن الفيلم كانت مدتة ساعتين أما المسلسل جعل الحالة تعيش مع المشاهد لمدة شهر كامل تحية لمنتجي وطاقم الفيلم الذي دق على وتر نحتاجه في اللحظات الصعبة هو تعظيم قيمة الانتماء !