من سمات المجتمعات المعاصرة تعدد وسائط الاتصال الجماهيري ومن بينها السوشيال ميديا ويعتبر انتشار الشائعات من الظواهر السلبية في هذا من النوع الوسائط .
والشائعة remour هي خبر كاذب يتم ترويجة بشكل يؤدي الى اصابة المجتمع بالضرر .
وهي أما ان تكون متعمدة اي ان مصدرها يصنف على انه جهة معادية او ان تكون غير متعمدة اي ان مصدرها يجهل مخاطرها ووصف الله عز وجل مروجي الشائعات غير المتعمدة بالفسوق في قوله :
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ ( الحجرات 6) صدق الله العظيم
ونلاحظ ان الوقوع في الفسق هنا قد يحدث دون ان يدري المرء ويرتكب أخطاء تجعله يندم على ما فعله عندما يضار المجتمع وهذا ما يحدث اليوم في مواقع التواصل الاجتماعي ينزلق المستخدم الى مستنقع الشائعات دون ان يدري عندما يروج اخبارا كاذبة من خلال ال Facebook و Twitter وما شابه من منصات الاعلام الجماعي غير المحكوم بضوابط اخلاقية أو مهنية .
وفي تقديري ان هذا النوع من الشائعات يحدث تاثيرا ضارا بالمجتمع اكبر من تآثير الشائعة المتعمدة لأن الانتشار يكون أوسع واحيانا- بحسن نية- يقوم البعض بمهمة الترويج لشائعة مصدرها معادي .
وقد أستخدمت كلمة ب (جهالة) للدلالة على عدم العمد واذا كان عمدا فإن التعبير الاقرب الوعي بمعرفة الضرر وهنا ليس فسوقا انما يعتبر عصيانا وتمردا واصرارا على فعل الشر .
ومن هنا تأتي فكرة الرجوع للمصدر لمعرفة الخبر الصحيح واستخدمت الاية الكريمة تعبير ( فتبينوا) للدلالة على أهمية التدقيق من ناحية وضرورة استيقاء الأخبار من مصادرها من ناحية اخرى .
وليس غريبا ان نستخدم كلمة ( بيانا ) عندما نريد اذاعة أو نشر خبر ياتي من مصدر موثوق فيه أو رسمي وينطبق هذا المعنى على البيانات العسكرية والسياسية والاقتصادية .
اي ان البيان هو خبر مهم لم يذع إلا بعد تبينه أو التأكد من صحته بعبارة اخرى البيان يدحض الشائعة ولهذا نرى ان التعتيم على الأخبار يخلق بيئة صالحة لتنامي الشائعات وكلما تم كشف وتداول المعلومات كلما نجحنا في تحجيم أثر الأخبار الكاذبة وبالتالي استطعنا ان نتلافى الضرر الناجم عن عدم التبين نتيجة جهالة فاسق أو الاستهداف المتعمد من عدو غايته هدم استقرار المجتمع .
ونتساءل ما الفرق بين البيان والبلاغ ؟ رغم تقارب المعنيين لدرجة الترادف في بعض الاستخدامات
الفرق بين البلاغ والبيان:
ورد في القرآن:” هَـذَا بَلاَغٌ لِّلنَّاسِ” و” هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ”
وورد ” ثم إن علينا بيانه “. فهل هناك فرق بين البيان والبلاغ؟
البيان هو الرسالة و البلاغ إيصال الرسالة.
قال الجوهري في الصحاح: البلاغ الإيصال وكذلك التبليغ والاسم منه البلاغ
وأما البيان فهو الإيضاح والكشف عن المعنى المقصود إظهاره.
إلا ان استخدام كلمة بيان في الاعلام هو الاكثر تداولا وربما اقتصر استخدام كلمة بلاغ على الامور القانونية والشؤون العدلية وإن كان البعض يستخدم البلاغ للدلالة على معنى البيان فيقول ذكر بلاغ عسكري … الخ
ومن وجهة نظرنا ان البيان مرتبط بتاكيد صحة المحتوى القادم من المصدر أما البلاغ فيه نوع من النقل عن الغير دون التركيز على بحث قبول الرسالة ام لا ويقول الله سبحانه وتعالى :
ما عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ ( المائدة ٩٩ ) صدق الله العظيم اذن تقبل الرسالة المنقولة …
اما ثقة في الناقل او بحثا عن سبق ما .
ويهم كثير من مراكز انتاج الأخبار تحقيق السبق قبل التأكد من المصداقية وهي جهات تبحث عن ( الشو )الاعلامي بالدرجة الأولى
أما من يريد المهنية فهو الذي يجعل من الصدق هدفا قبل السبق وهناك مقولة أو قاعدة مفادها “من الأفضل ان تكون الثاني وتقول اخبارا صحيحة على تكون الاول وتقول اخبارا كاذبة” .
خلاصة القول :
البلاغ المبين هو البيان الذي يرصد الحقائق الموثقة بالمعلومات و قيل ان البيان من الله والتبيين من الرسول عليه الصلاة والسلام. وعليه نحن في عالم اليوم احوج الى نشر البلاغ المبين في وسائل اعلامنا حتى نتحنب تزييف الوعي
ويقول الله سبحانه وتعالى :
قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ ۖ فَإِن تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُم مَّا حُمِّلْتُمْ ۖ وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا ۚ وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ ( سورة النور 54) صدق الله العظيم .
وكلمة مبين اذن تعني الواضح والظاهر وهكذا بالبيان والبلاغ المبين أرسى القران الكريم خطابا لا شك فيه يواجه الأخبار الكاذبة أو الشائعات بحزم ومهنية ورقي !