تعد الدراما الوثائقية واحدة من أرقي أشكال الإبداع السينمائي والتلفزيوني، فهي تعيد إنتاج أحداث حقيقية لأشخاص حقيقيين، فضلا عن قدرة هذا النوع من الفن علي تحليل الماضي وعرض جوانب الحاضر والتنبؤ بالمستقبل. وغالبآ ما يؤكد هذا النوع من الفن علي صلابة الشعوب ونبلها عند مواجهة التحديات الصعبة وإبراز جوانب الأصالة والبطولات والتضحيات التي تكرس الانتماء الوطني وتنمي الوعي الجمعي وترفع من الروح المعنوية للشعوب. لابد أن تتسم جهة الإنتاج بالحس الوطني الجارف والإيمان بعدالة القضية المطروحة، وكاتب متمكن لديه القدرة علي تجميع الوقائع من مصادرها وتحليلها بأسلوب درامي شائق لصياغة حبكة محكمة وأحداث صاعدة تنطوي علي قدر كبير من الإثارة والتشويق وصولآ إلي الذروة التي تؤكد علي وجهة النظر المراد إبرازها. وتكمن صعوبة الدراما الوثائقية في إعادة إنتاج الأحداث كما وقعت بالفعل ومبررات وقوعها وملابساتها وتداعياتها، ومشاعر واتجاهات الناس المرتبطين بالحدث، وربما آراء وتعليقات الخبراء والمختصين عن الدلالات المستخلصة من هذا الحدث وتأثيره علي المجتمع بأكمله وليس علي فئة بعينها. تدور الدراما الوثائقية حول فكرة محورية تتسم بالاهتمام العام وتصلح للمعالجة الدرامية، ثم يعهد لأحد الكتاب بصياغة هذه الفكرة مع التأكيد مقدمآ علي وجهة النظر المراد إبرازها، وحينئذ تبدأ مرحلة البحث والتحري بأسلوب الصحافة الاستقصائية والرجوع إلي جميع الوثائق والتسجيلات الصوتية والفيلمية وزيارة مواقع الأحداث ومقابلة جميع الأشخاص من شهود العيان وذوي الصلة. وبعد أن تنتهي مرحلة جمع المعلومات والوثائق وتصنيفها يشرع الكاتب في صياغة الخطة التفصيلية للبناء الدرامي، وبالتالي يعبر النص النهائي عن اختيار وتنظيم كل المواد النوعية التي تم تجميعها، ويتطلب ذلك قدرآ كبيرآ من التنسيق والتعاون بين المنتج والكاتب والمخرج والممثلين. المؤكد أن جميع العناصر السابقة توافرت بامتياز في مسلسل ” الاختيار” حيث توافرت له كل عناصر النجاح من إشراف وتسهيلات إدارة الشئون المعنوية للقوات المسلحة وإنتج سخي وعناصر رفيعة المستوي. وللحديث بقية..