عمار يا مصر
اقترب كثيرا اليوم الذي يندم فيه النظام العربي ويعض أصابعه حتى يسيل منها الدماء بعد أن فقد فرصة تشكيل القوة العربية المشتركة التي طرحها الرئيس السيسي وقابلتها بعض الدول بالرفض والبعض الآخر بالتشكيك استجابة لضغوط خارجية من قوي دولية وإقليمية .. وربما بسبب الغيرة !
اليوم الخطر يهدد كل المنطقة ولن تنجو تلك الدول التي رفضت والتي شككت وابتلعت طعم الحماية الدولية ووقعت تحت مطرقة الابتزاز عن طيب خاطر مقابل الحماية المزعومة فأهدرت الأموال والأرصدة وأهدرت الوقت وفوتت علي نفسها فرصة التصدي للهجمة الشرسة عليها ..
غدا لن يكون لتلك الدول مكانا علي أي طاولة مفاوضات بعد أن باعت إرادتها لمن يحميها بالمال ..
تلك الدول أفقدت التجمع العربي الوحيد ( الجامعة العربية ) قيمته وتأثيره بسبب تعنتها ورهن إرادتها للغير وسمحت لقوي إقليمية أن تستعمر أراضيها وتصادر قراراتها !
لذلك لا نسمع صوتا للجامعة ولا لأمينها العام – وله العذر – الذي يعمل موظفا لا حول له ولا قوة .. لا نري موقفا حاسما في قضية سوريا البلد العربي الشقيق الذي ضاع بسبب غياب الموقف العربي عن الدعم والمساندة ، وما زاد الطين بله دعم دول عربية لقوي التطرف علي أرضه والسماح بترك رقعة الشطرنج لتلعب عليها دول إقليمية وغربية طمعا في بتروله وغازه وثرواته الطبيعية وموقعه كبوابة للشرق ..
والآن تغيب الجامعة العربية عن القضية الليبية وتغض الطرف مع المجتمع الدولي عن تدخلات خارجية تخالف القانون الدولي لتفرض سيطرتها عليه وتبتز ثرواته وتأكل النصيب الأكبر من تورتة إعادة الاعمار وتحوله إلي بؤرة تجميع للإرهاب في المنطقة وليس خاف عن العقل أن الهدف هو مصر التي حطمت المخطط الكبير الذي كان يستهدف المنطقة كلها والذي بدأ بثورات الربيع ( العبري ) ، وعن قضية اليمن التعيس فحدث فيها ولا حرج
ويبدو أن استهداف دول بعينها ليس صدفة لكنه مخطط بدفة وعناية بالغة ليشمل دول الحضارات والتاريخ والموقع ( الجغرافيا ) والثروة .. فالعراق بلد الحضارة والثروة والجغرافيا ، واليمن بلد الحضارة والجغرافيا ( الموقع الاستراتيجي ) ، وسوريا بلد الحضارة والموقع والثروة ( البترول والغاز الذي لم يكتشف بعد ) ، وليبيا بلد الثروة والبوابة الكبيرة علي أوروبا ..
ونصل إلي الجائزة الكبري ( مصر ) بلد الحضارة والتاريخ والجغرافيا والسكان ومفتاح القارة الإفريقية وممر العبور بين الشرق والغرب ، ومحور الارتكاز ورمانة ميزان المنطقة ، وسقوطها يعني سقوط من حولها !
لذلك نجد السعي لتطويقها يجري علي قدم وساق حتى تركع وتفقد دورها التاريخي وحيويتها في كل دوائرها العربية والإقليمية والدولية ، ولكن هيهات أن يحدث ذلك مع شعب واجه منذ فجر التاريخ أعداء من كل حدب وصوب وانتصر ولم تتغير حدود مصر التي خلقها الله .
كانت مصر تتمدد شرقا وغربا وجنوبا لكنها أبدا لم تنكمش يوما ، ولم تتغير حدودها يوما .. كانت مقبرة للغزاة مهما طالت مدة الغزو ، وكانت عقلا يستوعب كل الثقافات لكن أبدا لم تتغير ثقافتها ولا شخصيتها ، كانت معدة كبيرة تهضم ما يدخل عليها وتستفيد بما تحتاجه وتلفظ ما لا تحتاجه في فضلاتها .
الخلاصة أن مصر قادرة بذاتها وبشعبها علي التصدي والمواجهة والنصر في قضايا الإرهاب وسد النهضة وتأمين حدودها الإستراتيجية في الشرق والغرب والجنوب والشمال وأعتقد جازما أن كل من يتربص بها يدرك ذلك جيدا ويعملون له ألف حساب
بقيت كلمة .. لن يفيد الندم بعد ضياع الفرص ، وإن كان هناك بعض من رُشد في النظام العربي فليقتنص الفرصة قبل أن تضيع للأبد ..
اللهم بلغت .. اللهم فاشهد