في اغسطس 2012 تم اعفاء حكومة د. كمال الجنزوري وتكليف د.هشام قنديل بتشكيل الحكومة الجديدة وكان واضحا ان الاخوان بعد ثلاثة أشهر تقريبا من تولي محمد مرسي قد قرروا احكام سيطرتهم بوضع رجالهم في المناصب الرئيسية والدفع بعيونهم وبصاصيهم الى كل مؤسسات الدولة ويرجع ذلك الى فشل الرئيس في المائة يوم الأولى من ولايته في حل 7 مشكلات جماهيرية كان في بداية حكمه قد قطع على نفسه عدة وعود لتحقيقها في المائة يوم الأولى للحكم، كان أبزرها مشكلات المرور والوقود والأمن والخبز والنظافة، إلا أنه كعادة “جماعة الإخوان” منذ نشأتها دائما ما تتنصل من وعودها، حيث سرعان ما تبخرت تلك الوعود، لتقدم دليلا مبكرا على فشل حكمهم وتفضح مخطط إسقاط الدولة المصرية عبر سياسات وقرارات تأكد فيما بعد أنها كانت ممنهجة.
ورايت ان على الاعلام الرسمي فتح ملفات هذه المشكلات وطلبت من معدي ومقدمي البرامج التركيز عليها واستضافة المتخصصين من كل التوجهات السياسية لطرح بدائل واقتراحات حلها ولكن لم يستفد النظام من الحوار المجتمعي الذي اداره التليفزيون المصري وراديو مصر واخبار الاذاعة وقناتا النيل الأخبار والنيل الدولية في ذلك الوقت بمهنية ودون ضجيج .
وعندما حان وقت التغيير طال وزير الاعلام المهني الهادئ اللواء أحمد انيس واستبدل بوزير اعلام اخواني جاءوا به من الظل وكان تجسيدا حيا للقصور في رؤية هذه الجماعة لدور الاعلام .
وفي لقائنا الاول طلب صلاح عبد المقصود وهو صحفي لم اقرأ له يوما خبرا او مقالا وتعرفت عليه أول مره في مكتبي عندما جاء مع وفد حملة مرسي الانتخابية لمناقشة موضوع اجراء مرشحهم مناظرة أمام المرشح المنافس أحمد شفيق اقول طلب عبد المقصود اعطاء الفرصة لكل الاراء كي تعبر عن نفسها وقلت لنفسي انها بداية جيدة لكن سرعان ما اكتشفت انه جاء لمهمة محددة اخونة الاعلام الرسمي فهل استطاع وزير الاعلام ان ينجح في تحقيق هذا الهدف ؟!
تركزت محاولات جماعة الاخوان للتسلل الى والسيطرة على مفاصل الدولة من خلال الدفع باعضائها و المتعاطفين معها لتولي مناصب مهمة على مستوى الادارة العليا أو المستوى التنفيذي.
وفي ماسبيرو كان الأمر اكثر خطورة واكثر حساسية خاصة بعد تولي صلاح عبد المقصود وزارة الاعلام وتمثلت محاولات اخونة مبنى الاذاعة والتليفزيون في حصر كل العاملين بالمبنى الذين ينتمون أو يتعاطفون مع الجماعة ثم التأثير على عاملين اخرين لضمهم الى صفوفها أو استجلاب اشخاص من الخارج تابعين لهم لتولي مناصب قيادية.
وقد ارسل لي الوزير اوراق صحفي يعمل في احدى الجرائد القومية وطلب تعيينه مدير عام النشرات في قناة النيل للأخبار ونقل من الاذاعه شخصا اخر لتولي وظيفة مدير عام البرامج في القناة نفسها كما كانت لدينا قناة صوت الشعب حيث طلب مني الموافقة على تولي مخرج في قناة النيل الدولية رئاستها رغم تواضع امكاناته المهنية.
المهم انه تم تعيين الاول والثاني قصريا من خلال لجنة القيادات التابعة لرئاسة الاتحاد وكنت عضوا بها ولم يجد اعتراضي عليهما أما الثالث كان معينا بالفعل ورفضت تمرير انتدابه وقد ثبت أن الثلاثة من جماعة الاخوان .
والاهم من هذا عندما خلا منصب رئيس احد اخطر قطاعات ماسبيرو وهو قطاع الهندسة الاذاعية عين اخواني من ماسبيرو رئيسا له وقد ادين هذا الشخص مع الوزير بعد ذلك في قضية الاستيلاء على سيارتي الاذاعة الخارجية في خضم اعتصام ميدان رابعة العدوية . ويمكن القول انه رغم محاولات اخونة قطاع الأخبار إلا انني مع معاوني من زملائي وابنائي وقفنا حائط صد ضدها خاصة في راديو مصر الذي كان يمثل لدى الاخوان غصة دائمة في حلوقهم وفشل تعيين إثنين من الاخوان في قناة النيل للأخبار في أحداث تغيير لسياسة القناة التحريرية حيث كنت قد استعنت بخبير في نشرات الأخبار لتولي رئاسة تحرير القناة هو الاعلامي المخضرم أحمد شرف الذي لعب دورا مهما في افشال اخونة القناة وعملنا معا في تليفزيون دبي في وقت سابق .
ولهذا كان الوزير حريصا على انهاء خدماته قبل أشهر معدودة من قيام ثورة المصريين على حكم الاخوان في 30 يونية 2013 !
وفي غرفة تحرير الأخبار الرئيسية بالقطاع التي تغذي القنوات الأولى والثانية والفضائية بالخدمات الاخبارية اصر العاملون بها من محررين ومذيعين على التمسك بالمعايير المهنية في مواجهة التدخلات المكشوفة من قبل بصاصي الاخوان وفي مقدمتهم شخص يطلق على نفسه المستشار قيل انه يعمل في اعلام الرئاسة – وهو احد العائدين من افغانستان- حاول التدخل في سير العمل بالقطاع غير إني تصديت له واشتكاني للوزير ورئيس الاتحاد ومنعته من دخول مكتبي حتى قال لماهر عبد العزيز مدير عام راديو مصر ( اني لا ارد عليه أو اعيره اهتماما ) وعندما زادت تدخلاته قبل أيام قليلة من 30 يونيه هدد المحررون بمنعة بالقوة من دخول صالة التحرير وطلبت من الوزير عدم تواجد هذا المستشار في المبنى! وبالفعل خرح منه ولم يعد اليه حتى يومنا هذا ! وعرفت انه تمركز في رابعة في عربات الاذاعة الخارجية التي استولى الاخوان عليها بعد 30 يونيه !
منذ عهد الرئيس جمال عبد الناصر كانت اخبار التليفزيون والاذاعة المعنية بتغطية انشطة الرئاسة من خلال تخصيص فرق عمل مهمتها التواجد يوميا بقصر الرئاسة مهمتها متابعة تحركات الرئيس واستقبالاته وتصريحاته ويمكن دعمها بسيارات النقل الخارجي في حال الاحداث القومية التي تنقل على الهواء وذلك وفق نظام دقيق ومجدول ويتولى ادارته رئيس الأخبار مع وزير الاعلام والمسئولين عن الاعلام بالرئاسة وكان الشيء نفسه في عصر الرؤساء التاليين لعبد الناصر إلا في عهد مرسي كيف كان ذلك ؟
طبقت منذ أول يوم لمرسي في الرئاسة هذا النظام غير ان الاخوان مع مرور الوقت بدأوا يطلبون اطقما فنية معينة ( بالاسم ) ليست من قطاع الأخبار فقط ولكن من القطاعات الاخرى والغريب أنهم طلبوا تفرغ هذه الاطقم لهم دون التنسيق مع رئيس القطاع أو بعبارة اخرى ارادوا انشاء تليفزيون موازي يتبع الرئاسة وانتدبوا له بعض المخرجين والفنيين من خارج التليفزيون .
والطريف أنهم طلبوا من اتحاد الاذاعة والتليفزيون ان يدفع لهم رواتبهم واتذكر اجتماعا برئاسة اسماعيل الششتاوي رئيس الاتحاد في ذلك الوقت عقد لبحث الأمر حضره رؤساء القطاعات وتم رفض طلب اعلام الرئاسة في سابقة اعتبرها الاخوان تحديا لهم .
قبل شهر واحد من سقوط الاخوان اي في يوم 3 يونيه 2013 سافرت الى المنيا لحضور حفل تكريم لي من قبل الجامعة هناك بدعوة من رئيس جامعة المنيا والصديق د. حسن علي عميد كلية الاعلام وكان معي في التكريم د. مجدي العفيفي رئيس تحرير جريدة اخبار الادب انذاك ومجرد وصولي المنيا اخبرني المكتب ان هناك اذاعة خارجية بعد قليل من الرئاسة وفتحت تليفزيون غرفتي بالفندق وتابعت اغرب اجتماع يضم شخصيات عامة مختلفة التخصصات منها اساتذة جامعة ورؤساء احزاب وصحفيون وكتاب ورجال دين.
أما الموضوع كان مناقشة بدائل الرد على اثيوبيا في حال بناء سد النهضة ولاحظت ان الحضور لا يعلمون أنهم على الهواء فكانوا يتحدثون على سجيتهم ويهددون ويتوعدون ومنهم الرئيس نفسه وبخبرتي ادركت ان سياق الحديث في الاجتماع لا يتفق والنقل على الهواء فاتصلت بمسئول الاعلام في الرئاسة انبه الى هذا الخطأ الجسيم الذي يؤثر على الامن القومي حيث اذيع كلام امني وخطط ضرب السد على الملأ، في فضيحة غير مسبوقة قيل انها أضحكت مرسي، والحقيقة انها أضحكت عليه المصريين!.
وطلب مسئول الاعلام ان يتصل بي بعد قليل وفعلا اتصل واخبرني ان مستشارة الرئيس د. باكينام الشرقاوي هي التي طلبت النقل! وعرفت بعد ذلك انها نسيت ان تخبر المجتمعين،بانهم على الهواء .
وقد اتصل بي عدد من الصحفيين ظانين اني المسئول عن اذاعة الاجتماع واخبرتهم ان إشارة البث صادر من مقر الرئاسة والمسئول عن اذاعته اعلام الرئاسة وليس التليفزيون المصري سوى انه ناقل للحدث مثله مثل اي قنوات اخرى وفي تقديري ان هذا الاجتماع قد كشف هشاشة الفكر الامني للاخوان وادركت ان العد التنازلي لسقوط حكم الاخوان قد بدأ !
وللحديث بقية