مما لا شك فيه أنه لا غنى عن الإرشاد فى مجال الملاحة البحرية فإن مخاطر البحر لا زالت باقية مثل العوامل الصعبة الغير متوقعة من العواصف والأعاصير وشدة التيار البحرى ، والضباب وارتفاع الأمواج ، وغير من العوامل الصعبة التى يحاول الإنسان الحد منها ولا يستطيع منعها ، ومن هنا تبدو أهمية الاستعانة بأشخاص يمكنهم الحد من هذه العوامل وعلى رأسهم المرشدون البحريون ، ولقد أوردت التشريعات البحرية قواعد مغايرة فى المسؤولية عما عليه القواعد العامة فى القانون المدنى ؛ لعلة مقتضاها : أن السفن المُرشدة باهظة الثمن ، والضرر الذى قد يلحق بها أو بمنشآت الميناء أو بغيرها من السفن بالغ الجسامة ، ولا يستطيع المرشد أن يجرى تأمينا لضخامة المخاطر المطلوب تأمينها ، هذا بجانب أن عمل المرشد فى بحر لجى محفوف بالمخاطر .
لذلك فإن العمل بالقواعد العامة فى المسؤولية يصبح متعذرا ، وعليه كان لابد من إعمال قواعد خاصة بهذه المسؤولية .
وتتنوع مسؤولية المرشدين بين المسؤولية المدنية والجنائية والتأديبية على نحو ما يلى :-
١ – المسؤولية المدنية :- كانت القواعد العامة تقتضى أن يُسأل المرشدين مسؤولية مدنية فى كل أموالهم عن تعويض الضرر ، غير أن التشريعات على اختلافها أعفتهم من هذه المسؤولية المطلقة فى جميع أموالهم ؛ لضعف قدرتهم المالية وتأمينها لهم وحتى يكونوا مطمئنين فى أداء عملهم .
٢ – المسؤولية الجنائية :- يُسأل المرشد جنائيا إذا امتنع عن القيام بوظيفته وعرقل سير العمل فى الميناء ، أو امتنع عن انقاذ سفينة تكون فى الخطر ، وكذلك الإرشاد وهو فى حالة سكر أو تحت تأثير المخدر ، أو قام بالإرشاد دون أن يكون مصرحا له بالعمل مرشدا .
٣ – المسؤولية التأديبية :-
يسأل المرشد تأديبيا إذا أهمل أو قصر فى واجبات المهنة وآدابها أو خالف لوائح هيئة الميناء .
ومن هنا يظهر لنا حرص المشرع المصرى على تحقيق الأمن البحرى وتوقى الأضرار والحفاظ على الأنفس والأموال ، مما يعد دليلا على عمق التشريعات المصرية وعدالتها .