مصر جاءت أولآ ثم جاء التاريخ، فهي الأرض الوحيدة التي تجلي الله عليها وتكلم فيها مع سيدنا موسي، وهي الدولة الوحيدة التي اقترن إسمها بالأمن والأمان وخزائن الأرض كما جاء في القرآن الكريم، كما اقترن إسمها وشعبها بمباركة الله كما جاء في الإنجيل، ومصر هي الدولة التي علمت الدنيا الكتابة والقراءة، ونشأ من أهلها سيدنا إدريس أول من خط بالقلم في التاريخ، ولجأ إليها سيدنا إبراهيم من ظلم أهله، وسيدنا يعقوب وإخوة يوسف من المجاعة، كما لجأت إليها السيدة مريم العذراء وسيدنا المسيح عيسي إبن مريم عليه السلام، وأوضي سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام بها وبأهلها خيرأ . إذن مصر تستحق الكثير، وقد قيض الله لها رئيسآ وطنيآ مخلصآ وأمينآ استطاع أن ينتشلها من براثن الإرهاب والتخلف والمصير المجهول الذي استهدفته جماعة الإخوان الإرهابية في السنة السوداء التي اغتصبت فيها حكم البلاد. يواصل الرئيس السيسي العمل ليلآ ونهارآ دون كلل أو ملل حتي تستعيد مصر المكانة اللائقة بها بين الأمم، ويحرص الرئيس علي إعادة بناء الدولة في كل المجالات، وتم استعادة الكثير من قوتنا الصلبة سياسيآ وعسكريآ واقتصاديآ واجتماعيآ ، ولكن قوتنا الناعمة مازالت في حاجة إلي مزيد من الجهود لاستعادة تأثيرها المعروف علي المستويات الوطنية والعربية والإقليمية، وهو ما يتطلب المزيد من إفساح المجال العام، أي العلاقة بين الدولة والمجتمع، وإطلاق العنان أمام مختلف الأفكار والآراء للتعبير الحر عن الذات والمجتمع طالما يصب ذلك في صالح الوطن ولا ينال من مقتضيات الأمن القومي. إن مصر مملوكة لجميع مواطنيها الشرفاء، فالشعب هو السيد، وهو مصدر السلطات، وهو الذي يختار ممثليه في المجالس النيابية والتنفيذية، وتظل ممارسات سلطات الدولة رهنآ بالإرادة الشعبية طالما تحقق آمال وطموحات الناس، وإذا فشلت الحكومة في تلبية مطالب الناس يمكن تغييرها، فالحكومات متغيرة ولكن الدولة باقية وراسخة، ولعل مناخ حرية الرأي والتعبير، والحق في الاجتهاد، والحق في الاختلاف من أهم المبادئ التي تحرص عليها المجتمعات الناهضة، وسوف نعرض للأصول الفلسفية والتاريخية لتطور هذه الحقوق في المقالات التالية.
وللحديث بقية.