الإسلام دين الرحمة، والعدالة، والتعاون والسلام؛ هجر أتباعه قرآنه الذى أنزله الله على رسوله عليه السلام، وانصرفوا عن الآيات التي وضعها الله في تشريعاته وأحكامه أسسًا لبناء مجتمعات الحرية، والسلام، والتكاتف ليعيش الإنسان عيشة هنية وحياة مرضية ليس فيها نكد ولا خوف ولا فزع.
بل كل أبناء المجتمع يعملون سويًا فريقًا واحدًا لنهضة مجتمعهم والتعاون في البناء والتعمير للارتقاء بالحياة الكريمة لأفراد المجتمع، فتلك المبادئ الحضارية والإنسانية غابت عن بصيرة المسلمين، فضلوا الصراط المستقيم، وضاعت حقيقة المفاهيم التي يدعو لها الإسلام بعدما حشد المتآمرون على القرآن الكريم عشرات الآلاف من الروايات حتى استطاعت أن تطغى على الآيات؛ فتحول أكثر المسلمين إلى أوصياء على الإسلام يقاتلون الناس باسم الدين، ويدمرون القرى والمدن مع المريدين، والكل يهتف الله أكبر…..!!
لا فرق عندهم بين مسلم وغير مسلم؛ الكل عندهم “كافر أو مشرك”، وعليه القصاص بقطع رقبته أو قتله برغم أن الله سبحانه وضح أحكامًا قطعية الدلالة في قرآنه بحرية الإنسان في اختيار عقيدته ومذهبه ولا سلطة لإنسان على غيره في علاقته مع الله فهو الذى سيحاسب الناس على أعمالهم فهل عميت أبصارهم عن قوله سبحانه:
(وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ ۖ فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ ۚ)(29:الكهف)، وهل غابت عن عقولهم مخاطبًا رسوله الأمين:
(أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّىٰ يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ )(99:يونس).. كما حدد للرسول عليه السلام وظيفته بقوله:(المص/ كِتَابٌ أُنزِلَ إِلَيْكَ فَلَا يَكُن فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِّنْهُ لِتُنذِرَ بِهِ وَذِكْرَىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ )(2:الأعراف).
ويضيف سبحانه على تلك المهمة قوله: (فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ )(45:ق).. ونبه الله رسوله بأن قومه سيهجرون القرآن وآياته ويتبعون الشيطان ورواياته بقوله: (تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ ۖ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ )(6:الجاثية).. نبأ علم الله منذ الأزل بأن الناس سينصرفون عن الآيات وسيتبعون الروايات ليبتدعوا دينًا موازيًا للقرآن تتقبله النفوس وتؤمن به القلوب وسيتحكم في العقول وتتراكم الظلال السوداء على الآيات وتتحكم في المسلمين الروايات لترضى النفوس الأمارة بالسوء التي تثير غرائز الطمع والعزة والنفوذ وتدعو لاحتلال البلدان واستعمار الأوطان…..!!
فاتخذوا الإسلام مطية لتحقيق مآربهم، ولذلك فإنني أسأل الخليفة الحالم بحكم العالم: هل من الإسلام تدمير سوريا وتشريد ملايين الأسر يعيشون تحت البرد القارس في الشتاء، وفى الصيف يبحثون عن نسائم الهواء…..؟!
وهل من الإسلام قتل الأطفال واحتلال الأوطان ونهب الثروات…..؟!
وهل من الإسلام قتل الأكراد وتصفيتهم في أراضيهم وتشريدهم ونشر الفزع والرعب لدى الأسر والأطفال….؟!
وكم من الضحايا تلوثت أياديك بدماء المسلمين في: العراق، وليبيا سواءً أكان ذلك في: الماضي، وما ارتكبه أجدادك المجرمين من: قتل وسحل في: لبنان، وسوريا، وليبيا يتكرر اليوم تحت رايتك ودعايتك الكاذبة باسم الإسلام……!!
إن كل الجرائم التي ترتكبها؛ إنما تقوم بتمثيل الشيطان، وتنفيذ نفس مريضة وسلوك خبيث يضعك عدوا لله ولرسوله؛ فليس من حقك أن تتحدث عن الإسلام الذى يدعو للرحمة، والعدل والسلام، وأنت تنفذ القتل، وتهدم الدور، وتقتل الأيتام….!!
فأنت تمثل صورة مشوهة عن رسالة الإسلام، أما غير المسلمين من القادة الغربيين، فلا لوم عليهم عندما يشاهدون بعض المسلمين يرتكبون الجرائم البشعة ضد الإنسان، ويصادرون حقه في حرية التعبير عن رأيه في عالم تقدم فيه الإنسان بقوانين ومحاكم مسئولة عن القصاص من كل من يعتدي بالقول أو باليد على رموز الأديان.
والقضاة لديهم من الأحكام والتشريعات ما يمنحهم الحق في محاسبة كل من يعتدى بالسوء أو بالاستهزاء على كل الرموز الدينية لكل الأديان، والإسلام الذى شرع بتحريم السخرية ويعتبر ظالمًا كل من تعدى بالسوء أو السخرية علي كل الرموز الدينية من الرسل والأنبياء لكل الأديان.
فالإسلام الذي شرع تحريم السخرية والاستهزاء بالناس جميعًا، ويعتبر ظالمًا يستحق العقاب و يحاسب علي ظلمه والله حذر المؤمنين بقوله سبحانه:
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَىٰ أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِّن نِّسَاءٍ عَسَىٰ أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ ۖ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ ۖ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ ۚ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ )( الحجرات؛١١).
لذلك على المسلمين ألا يتبعوا كل من يدعي أنه يدافع عن الإسلام مثل المجرم “أردوغان”، ولكن عليهم معرفة أعماله وسلوكياته، إذ كيف للذي يقتل آلاف المسلمين، ويشرد ملايين الأسر أن نصدق دعواه، ونسمع احتجاجه ضد من يعتقده بأنه يعتدى على الإسلام….؟!
فقبل أن يدافع “أردوغان” عن الإسلام؛ لابد أن يضرب المثل في تمسكه بشريعة القرآن ولا يعتدي على الإنسان، ولا يدمر الأوطان، ويسفك دماء الأيتام، أما القيادة الغربية في أو روبا فهم يعلمون كم من عشرات الآلاف قتلهم العثمانيون من الأرمن باسم الإسلام، وكم سفكوا من دماء الأوروبيين في: النمسا والبلقان باسم الإسلام…..!!
والسؤال هنا: ماذا ينتظر المسلمون منهم غير أنهم تصوروا أن تلك الجرائم التي ترتكب باسم الإسلام هي رسالة الإسلام، ولَم يتبينوا حقيقة الرسول محمد – عليه السلام – وهو يحمل للناس جميعًا قيم الحرية، والعدالة، والرحمة، والتعاون، وتحريم الاعتداء على حقوق الناس، والكل إخوة في الانسانية.
حيث منح الإسلام كل الحرية للناس باختيار عقائدهم، ومذاهبهم دون ترهيب أو تهديد، وأن ما يرونه من تصرفات المسلمين في الماضي والحاضر؛ إنما هي صورة مشوهة وظالمة؛ ألقت ظلالها السوداء على أعظم القيم الإنسانية التي ترتقي بالإنسان وتحترم حقه في الحياة كما كرمه الله سبحانه فى قوله:
(وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا )( الإسراء :٧٠).