نشر المركز المصري للدراسات
الاستراتيجية وتنمية القيم الوطنية، دراسة حديثة، للباحثة إيمان الشعراوي،
المتخصصة في الشؤون الإفريقية، تحت عنوان ” الانتخابات الرئاسية لكوت ديفوار
2020 ومستقبل الأزمة السياسية الراهنة”، التي وقعت اثر إجراء الإنتخابات الرئاسية
يوم 31 أكتوبر 2020 م، وتسببت فى تفجر أزمة سياسية جديدة.
الشعراوي أشارت في دراستها إلى الأزمة الدستورية
التي مرت بها دولة كوت ديفوار، في أعقاب إعلان الرئيس الحسن واتارا إعتزامه الترشح
لفترة رئاسية ثالثة، رغم أن القانون الإيفواري ينص على فترتين رئاسيتين كحد أقصى، وهو
ما يمنع ترشح الرئيس الحسن واتارا، إلا أن المجلس الدستوري رأى أن التعديل الدستوري
الأخير الذى أجرى عام 2016 يتيح للرئيس الحسن واتارا الترشح لفترتين إضافيتين.
وتوضح الدراسة، هذه الأزمة أعادت للأذهان سلسلة الأزمات التي مرت بها كوت ديفوار والتي بدأت بوفاة الرئيس فيليكس
هوفويت بوانيى عام 1993 والمستمرة على فترات حتى الأن، في ظل استمرار المنافسة التقليدية
على السلطة فيما بين الشخصيات الثلاث الحسن واتارا وهنري كونان بيدي ولوران غباغبو
وأنصارهم منذ ما يقرب من ثلاثة عقود، والتي أدت إلى وقوع انقلاب عسكري عام 1999، واندلاع
مواجهة مسلحة في أعقاب انتخابات 2010 التي أعلن كل من واتارا وغباغبو الفوز بنتائجها
والتي خلفت نحو 3000 قتيل، بجانب تقسيم البلاد إلى شمال وجنوب نتيجة سيطرة كل معسكر
على مناطق نفوذه لفترة ليست بالقصيرة، ومع إعادة ظهور هذه الخلافات من المرجح أن تشهد
الانتخابات الرئاسية القادمة حلقة جديدة من العنف قد تصل لحرب أهلية.
وعن أسباب حالة الاستقطاب التي مرت بها
دولة كوت ديفوار، أوضحت الباحثة إيمان الشعراوي أنه على الرغم من سابق إعلان الرئيس
الحالي الحسن واتارا انسحابه من المشهد السياسي، إلا أن الوفاة المفاجئة لرئيس الوزراء
أمادو غون كوليبالى مرشح الحزب الحاكم “تجمع أنصار هوفويت للديموقراطية والسلام” فى
يوليو 2020، قد ساهم في تعديل واتارا لتوجهاته وإعلان إعتزامه الترشح لولاية رئاسية
ثالثة، وهو ما تسبب فى تعدد المواجهات فيما بين المعارضة والقوات الأمنية أسفرت عن
مقتل العشرات من الأشخاص نتيجة أعمال العنف، خاصة في أعقاب إصدار المجلس الدستوري اللائحة
النهائية للمرشحين المؤهلين للمشاركة في الانتخابات وإقصاءه كل من الرئيس السابق لوران
غباغبو استنادا للحكم الغيابي الذى صدر بحقه بالسجن 20 سنة لإتهامه بالسطو على مقر
البنك المركزي لتجمع دول غرب أفريقيا “إيكواس”.
ووضعت الدراسة، تقييم لموقف القوى الدولية
المعنية خاصة فرنسا و الإقليمية مثل كل من الإتحاد الإفريقى وتجمع دول غرب إفريقيا
“إيكواس”، والذين اكتفو بالإعراب عن قلقهم الشديد والتحسب من تسبب تلك التطورات فى
إندلاع موجة عنف جديدة فى البلاد، فى حين لم تتقدم أى من تلك القوى بأى مبادرة لنزع
فتيل المواجهة الشعبية المتوقعة رغم إمكانية إستعانة كل من النظام والمعارضة بمؤيديهم
المسلحين لتعزيز وضعيتهم، بما يعكس قناعة باريس – التى تحتفظ بقاعدة عسكرية لها فى
أبيدجان – بقدرة غباغبو على تحقيق مصالحها
والحفاظ على خصوصية العلاقة فيما بين البلدين فى مواجهة المساعى الصينية الحثيثة
للنفاذ للسوق الإيفوارى الواعد من جهة.
واختتمت الباحثة إيمان الشعراوي تفضيل المنظمات الإفريقية سواء القارية أو الإقليمية
إرجاء التدخل لحين إجراء الإنتخابات المحسومة نتائجها بشكل كبير لصالح الرئيس الحالى
الحسن واتار فى ظل إستبعاد بعض المنافسين ومقاطعة البعض الأخر من جهة أخرى، فى الوقت
الذى يتوقع معه تزايد دور القوى الإقليمية والدولية عقب إجراء العملية الإنتخابية وحال
إعلان المعارضة عدم دستورية نتائجها وعدم إعترافها بالرئيس القادم وإندلاع أعمال العنف،
لتجنب تحول الصراع السياسيى إلى عرقى وإثنى وما قد يستتبعه من تدخل الجيش.