أخبار عاجلة

د.حسن عماد يكتب… حرية الرأي والتعبير والحق في الاختلاف (٦)

تمخضت أفكار الفيلسوف “توماس هوبس” في القرن السابع عشر حول نظرية “الدمج الاجتماعي” عن ظهور المجتمعات الحديثة والحكومات المنظمة. أدي تغير مركز السلطة من الملوك إلي الشعوب إلي تطورات كبيرة في النظم السياسية، فعندما كان يحكم الملوك، كانوا يمثلون سلطة الإله علي البشر، أو هكذا كانوا يزعمون، وكانوا يلقون الأوامر والتعليمات ويتوقعون الطاعة العمياء من المواطنين أو بالأحري الرعايا، وكان المفكرون الذين ينتقدون السلطة المطلقة للملوك يواجهون تهمة “التحريض علي إثارة الفتن”وهي جريمة يمكن أن تصل عقوبتها إلي حد الإعدام. ولكن عندما تحولت معظم سلطات الملوك إلي البرلمان المنتخب، أصبحت الأفكار والأحكام القديمة محل تساؤل، فأعضاء البرلمان يمثلون الشعب، ويستمدون سلطتهم منه، وهو ما يمنح الشعب الحق في معرفة سياسات الحكومة ومناقشتها، بل وانتقاد هذه السياسات دون مواجهة تهمة التحريض علي إثارة الفتن وقلب نظام الحكم. وقد تمير القرن السابع عشر أيضا بذيوع أفكار الفيلسوف البريطاني “جون ميلتون” الذي كان يري أن المعرفة هي جوهر الحرية، وأن من حق أي فرد أن يفكر وأن يعبر عن أفكاره بغير قيود، وهو الذي أعلن أيضا أنه إذا آمن كل البشر برأي ما، وجاء فرد واحد برأي جديد يخالف ذلك الرأي، ثم حا لت البشرية جمعاء أن تسقط هذا الرأي، كان خطؤها في ذلك لا يقل عن خطأ الفرد الواحد حين يحاول إسقاط الرأي الذي اجتمعت عليه البشرية. كان جون ميلتون يري أن الإنسان لن يستطيع أن يصل إلي الصواب في مسأله ما حتي يستمع إلي آراء المخالفين له في هذه المسألة، ذلك أن الحقيقة لا تضمن لنفسها البقاء إلا إذا أتيحت لها فرصة مواجهة الآراء المضادة بوضوح وحرية . معني ذلك أن عقل الإنسان الذي يخطئ ويصيب لن يلتمس الحقيقة دون أن يستمع للحجج الأخرى من خلال المناقشات الحرة. 
وللحديث بقية..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *