أولا: لقد أمر الله المسلمين لتطبيق شريعته التى أنزلها على رسوله فى آيات القرآن الكريم، ومنها على سبيل المثال قوله سبحانه وتعالي: (وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ).. (النساء: ٥٨)، وقوله سبحانه وتعالى: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّـهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّـهَ إِنَّ اللَّـهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ).. (المائدة : ٨)، وقوله سبحانه: ( وَإِن عاقَبتُم فَعاقِبوا بِمِثلِ ما عوقِبتُم بِهِ وَلَئِن صَبَرتُم لَهُوَ خَيرٌ لِلصّابِرينَ).. (النحل: ١٢٦).
تلك الآيات الكريمة تطالب المؤمنين بالالتزام الكامل بتطبيق شرع الله بالعدل كما ورد فى القرآن الكريم والتثبت من كل موقف حتى لا يكون الحكم على أي قضية لا يتبع فيها قواعد العدل التى وضعها الله سبحانه للناس حتى يمنع الظلم ويكون الحكم متفقا مع العدل ومقتنعا من يصدر الحكم باتفاقه مع العدالة كما امر الله سبحانه في تشريعه
ثانيا: إن للقضية المثارة اليوم فى كل مكان والتى تتسم فى ظاهرها بالحق وباطنها الباطل بكل شروره من تزييف للحقيقة ومن التغرير بالناس والتدليس عليهم وإثارة عواطفهم لتوظيف الاسلام فى خدمة السياسة والمصالح الدنيوية غير عابئين بتقوى الله وما سيجره عليهم فى الآخرة من حساب عسير لأنهم حكموا بغير الحق واتبعوا أهواء النفس الأمارة بالسوء لخداع الناس.
ولو أنهم نظروا لقضية الإساءة للرسول بالعدالة التى أمر الله بها الناس في الشريعة الإلهية في كتابه المبين لكنا ضربنا المثل الأعلى أمام العالم فى عدالة التشريع الإلهي ونشرنا أعظم القيم النبيلة والإنسانية والحضارية فى احترام الحق وحمايته ولكن غلبت الأطماع السياسية والأهداف الشيطانية التى تقودها تركيا ومن يتبعها من زمرة المستفيدين الذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم ولنعود الى القضية كما يلي:
– أن القضيتان متلازمتان، قضية قتل المدرس وهو الفعل، وتبعها رد الفعل من الرئيس الفرنسي، وهنا نسأل من المتسبب الرئيسي فى تلك الإساءة؟ ولو عرضنا الموقف بالأمانة وتمشيا مع تشريعات العدالة الإلهية سيتضح للناس أن المتسبب الرئيسي للإساء هو الطالب المسلم الذى نحر المدرس وقتله، دون أن يمنح القتيل حق الدفاع عن النفس وقرار الطالب بأن يكون هو القاضي وهو الجلاد ومنفذاً للحكم فى نفس الوقت، ومن الظلم للتشريع الالهي أن يتخذ الموقف فقط من جانب واحد ويتم تصويره دفاعا عن الاسلام.
– فالإسلام والرسول عليه السلام لا يحتاجان عمن يدافع عنهما بالهرج والمرج وإثارة العواطف يكفي ان القرآن الكريم سجل على مدى التاريخ شهادته عن رسالة الإسلام الحضارية والقيم النبيلة السامية التي يدعو إليها الرسول للناس تنفيذا للتكليف الإلهي ليهديهم إلى طريق الخير والرحمة والعدل والحرية والسلام ليعيش الناس جميعًا حياة يتحقق لهم فيها العيش الكريم في ظل الأمن والاستقرار والتنمية.
– ولا يقبل الرسول عليه السلام أن يتم الدفاع عن الإسلام في غيبة تشريعاته في العدالة والقيم الأخلاقية ليتم الدفاع عن الرسول وعن الإسلام بمعزل عن التشريعات الإلهية التي تأمر الناس أن يحكموا بالعدل الذي لا يفرق بين المسلم وغير المسلم انما على أساس البينة وتوفر الحقائق من الأدلة وتحديد المجرم والمحرض على ارتكاب الجريمة حتى لا يضيع حق العدالة.
– فالرسول عليه السام، لا يقبل الدفاع عنه وعن الإسلام بالباطل، والسبب في ذلك محاولة إخفاء الاسباب التي دفعت الطالب لقتل المدرس، لأنه لو فتح الملف الذي يحتوي مرجعيات القتل وخطاب الكراهية ومعاداة المسلمين الذين لا يتبعون منهج الطوائف الضالة يكفرون ويقتلون سيصدم المسلمين بحقيقة التشويه الذي استطاعت به الروايات تضليل المسلمين وابعادهم عن حقيقة التشريع الإلهي الذي يأمر الناس بتحري الحقيقة ومعرفة المتسبب ومحاكمة جميع الأطراف بالعدل، دون تحيز لطرف كما أمرنا الله بقوله سبحانه وتعالى:
– (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّـهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ).. (النساء: ١٣٥)، فالله سبحانه يأمر الناس بعدم التحيز ، والشهادة أمانة ولو كانت على الانسان نفسه أو حتى الوالدين أو الأقربين، يبين الله للناس جميعا أن العدالة لا تفرق بين قريب أو بعيد، إنما يعلمنا الله سبحانه أن نكون مع الحق دائما دون النظر للعلاقة الاسرية أو الدينية أو المذهبية أو الهوية الوطنية، فالحق فوق الجميع ولكن المسلمون لم يتعلموا قيم الاسلام النبيلة، ولَم يتبعوا الرسول الكريم فيما بلغهم به عن ربه وهو يقول سبحانه وتعالى:
– ( قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّـهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّـهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّـهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ) (ال عمران:٣١)، وكان من المفروض تمشيا مع إتباع الحق الذى أمر الله به المسلمين، أن يكونوا على قدر من الأمانة مع الله، ليبينوا للناس من أين استقى الطالب تعليمه عن الاسلام، وما هي المرجعيات الدينية التى تعلم منها أن من يسئ للرسول يتولى بنفسه القصاص وأن الحكم عليه بالقتل؟ تلك هي الطامة الكبرى التى حولت المسلمين الى الهمجية والغوغائية فى التعامل مع الناس.
– بينما رسالة الاسلام جاءت للبشرية كلها لتعلم الانسانية الرحمة والعدل والسلام والاحسان، وتحريم قتل الإنسان إلا بالحق، وأن الذين يشوهون التشريعات الالهية فإنهم أكثر من يسئ للرسول عليه السلام، وتنتقل صورة الإجرام والكراهية والتشويه المتعمد لقيم الاخلاق النبيلة التى تحلى بها الرسول، مما يزرعون فى عقول غير المسلمين صورة سوداء عن الرسول الكريم، لاتتفق مع وصف الله له بقوله سبحانه وتعالى:
– (وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ).. (القلم: 4)، وقوله جل وعلا: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ).. (الأنبياء:107)، فأين الرحمة التى تعلمها القاتل للمدرس حين نحر عنقه بشكل مشمئز ومتوحش؟ من الذى سمم عقله عن رسالة الاسلام؟ من الذى يتحمل المسؤولية الأصلية عن الإساءة للرسول هل القاتل أم المقتول؟ أن كتب التراث المزورة على الرسول بالتحريض على القتل وسفك الدماء، وما يقوم به المتخلف أردوجان من قتل للمسلمين فى: سوريًا، والعراق، وليبيا، وأرمينيا باسم الإسلام، إنما يقوم بهدم وتدمير متعمد لقيم الاسلام النبيلة ورسالة الاسلام، التى تأمر الناس بالمعاملة الحسنة وبالحفاظ على أرواحهم وممتلكاتهم وأعراضهم، فماذا يفعل عدو الاسلام الأول فى هذا العصر أردوجان؟ ومن خلفه الاخوان يساندون الشيطان ليحقق حلم الخلافة التي حكمت المسلمين قرونا بالفساد والقتل وارتكاب الجرائم البشعة ضد الانسانية…..!!
– ألا يقوم أردوجان الآن ومن قبل بتدمير المدن فى: سوريا، والعراق، وليبيا، ويحولها الى خراب ودمار ؟ هل ذلك ما يدعو إليه الاسلام من الجرائم التى يرتكبها أردوجان ضد الإنسانية وضد الاسلام وعدو السلام…..؟!
– لكن وأسفاه، تجاهل حكماء المسلمين التشريع الالهي الذي يأمر بالعدل وعدم التحيز لهوى النفس، وتقييم الأمور بمنتهى العدالة والإنصاف، كما بلغنا الرسول عليه السلام حيث لن يرضى رسولنا الكريم بأن أتباعه من المسلمين شذوا عن الطريق الذى أرشدهم إليه، فيما أنزل عليه من الآيات البينات، وكانت تلك الحادثة ممكن أن تكون فرصة ثمينة لتصحيح صورة الإسلام لدى الغرب، وأن لا يكيل المسلمون بمكيالين بل كان المفروض إن كانوا امنوا بالله وآياته، وما بلغهم رسوله عليه السلام به من الآيات السابقة التى تدعوا للعدل وعدم التحيز وتقوى الله، لتحمل الأمانة فى الحكم على الناس، كما أمر الله سبحانه بالعدل والإنصاف.
– ومن الأمانة مع الله ورسالة الاسلام أن تكشف الأسباب الحقيقية من الروايات المزورة على رسول العدل والرحمة والسلام، ولا تأخذهم فى الله لومة لائم، ولكن آثروا أن يخفوا الحقيقة لأنه سيترتب عليها إدانة لحكماء الإسلام الذين تجاهلوا بكل الصلف المتعمد إثارة نتائج التلقين للمسلمين المعتمد على المرجعيات التراثية والخطاب الديني المؤسس على الروايات المزورة لأقوال الرسول، التى تسببت فى قتال المسلمين مع بعضهم وقتال غير المسلمين بحجة دعوتهم للإسلام، ومن لا يستجيب لدعوتهم يقتل تلك المناهج الدينية التى شوهت رسالة الحق والسلام للإنسانية جمعاء، والله يذكر تلك المرجعيات بقوله مخاطبًا رسوله عليه السلام: