كان المفكر السياسي “جون ميلتون” فيلسوف القرن السابع عشر من المدافعين عن حرية الرأي والتعبير وحرية النشر دون الخضوع للرقابة الحكومية، وقد انتقد السلطة الحكومية في إحدي مقالاته حين قال :”إنه من غير المنطقي أن نقترض أن أية حكومة تستطيع إرضاء جميع الناس في جميع الأوقات، كما أنه من غير المعقول أن نفترض أن كل ما تقوم به الحكومة من سياسات وممارسات سوف يحقق العدالة التامة لأن ذلك فوق قدرة البشر، ولكن إذا وفرنا للناس مناخ حرية التعبير بالحديث والكتابة عن أفكارهم وتوقعاتهم السياسات الحكومية، وإذا كان من يتولون الحكم يرغبون في الاهتمام بهذه الكتابات، فإن النتيجة المنطقية سوف تظهر في تحسين أداء الحكومة وتحقيق رغبات الناس” يرجع الفضل إلي “جون ميلتون” في وضع مفهوم “السوق الحرة للأفكار” وهو ما يعني أن يتاح لجميع الأفراد التعبير عن آرائهم بحرية، باعتبار أن صراع الأفكار سوف يكشف الحقيقة من الزيف. ويتجلي صدي هذه الكلمات في الواقع المعاصر لدي من يطالبون بقانون حرية تداول المعلومات لتمكين حق المواطن في المعرفة. في عام ١٦٩٠ نشر “جون لوك” كتابه الشهير بعنون “المعالجات” والذي دعا فيه إلي نقل سلطة الملوك إلي البرلمان المنتخب من الشعب، وطالب بضرورة إنشاء ” الدستور” كوثيقة تحدد سلطات الدولة ومجالاتها، وهو أول من طالب بإنشاء سلطات الدولة الثلاث، والتي تتكون من فرع تشريعي منتخب له سلطة سن القوانين، وفرع تنفيذي له سلطة تنفيذ هذه القوانين علي جميع المواطنين دون تمييز، وفرع قضائي لديه سلطة الفصل في القضايا وتحقيق العدالة، كما طالب بضرورة الفصل بين السلطات ومراقبة بعضها البعض. وفي جميع الأحوال، لابد أن تحمي كل هذه السلطات مكتسبات الناس الشخصية والطبيعية وحقهم في الحياة الكريمة في ظل سيادة القانون، كما أن من حق الناس أن يطرحوا أرائهم بحرية، وآن يتصدوا للمسئولين الذين يسيئون استخدام سلطاتهم التي يخولها لهم القانون .
وللحديث بقية ..