أخبار عاجلة

ابراهيم الصياد يكتب… الأخبار وتأملات في القرآن ( 19)

في العصر الحديث اصبح الاعلام سلاحا ذو حدين سلاح للبناء وايقاظ الوعي او سلاح للهدم وتجريف الوعي ويتوقف كلاهما على مضمون الرسالة الاعلامية ومدى تاهيل صانعيها للقيام بمهامهم فضلا عن مدى تمتع الوسيلة الاعلامية بالحرية المسئولة التي تضع قيم المهنة في الاعتبار وعلى راسها الدقة والموضوعية و التوازن والتنوع والمصلحة العامة ولو دققنا النظر سنكتشف ان القرآن الكريم قد منحنا الهداية للنهج القويم لتحقيق الاستفادة من الاعلام كوسيلة بناء وحذرنا في الوقت نفسه من مغبة الانزلاق الى مستنقع الهدم وتغييب  وعي الامة 
و ورد في الآية (23) من سورة النجم :  قولة تعالى {وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَى} بغرض الوصول الى الهدف الاسمى الذي اشار له قول الله سبحانه وتعالى : 
(كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله )
من الاية 110 من سورة  آل عمران 
وفي ضوء الاية المذكورة يصبح الانسان محور الاهتمام  في الكون عموما وخصوصيته من بين سائر المخلوقات، قال الله تعالى {اقرأ باسم ربك الذي خلق خلق الإنسان من علق} (العلق : 2 -1)، وقال الله تعالى: {الرحمن علم القرآن خلق الإنسان علمه البيان} (الرحمن 4 -1)، وقال الله تعالى: {يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون الذي جعل لكم الأرض فراشا والسماء بناء…}(البقرة 22 -21).
 وهذا الضابط المهم يستلزم أن تكون كل مشاريع التنمية تصب في المصالح الحقيقية للإنسان أي عموم الإنسان، وليس في المصالح المتوهمة، أو المصالح الخاصة للجشعين
و حدد القران الكريم  المصالح ووضعت لها ضوابط أخلاقية وتشريعية ضمن الكليات الخمس المعروفة: وهي الدين والنفس والعقل والنسل والمال.
 ولا شك أن من شأن هذه الضوابط أن تقي الإنسان كثيرا من مفاسد التنمية كما هي سائدة في التفكير الغربي، كالنمط الاستهلاكي الذي أدخل العباد في دوامة لا تقف.  نحن حين نقول بكون الإنسان محور التنمية، فنحن نقصد أن كثيرا من الجهد في التربية والتعليم والتكوين ينبغي أن ينصب في تكوين جيل من  الأقوياء الأمناء الذين يستطيعون الإسهام بأفكارهم وجهودهم في تحريك التنمية في الاتجاه الصحيح النافع. {قال اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم…} (يوسف 55)، {كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ} (البقرة 151)
اذن  القوة والأمانة والحفظ والعلم وغيرها من أخلاق الإسلام العظيمة ومبادئه المتينة هي العناصر الأساسية  في التنمية الشاملة بصفة عامة.
غير ان الإنسان قد يخدع عندما يصدق الرسائل الاعلامية التي تحث على الفساد والافساد وتدعي الاصلاح  ويصف القرآن هذا النوع من “الإصلاح المريض” أو الظاهرة الإصلاحية المَرَضية بقوله: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ} [البقرة:11]. ثم يرد عليهم القرآن مؤكدًا فساد ذلك الإصلاح ويعتبره  ادعاء {أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لا يَشْعُرُونَ} سورة [البقرة إيه 12].

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *