نشرت صحيفة le monde الفرنسية مقالا،عن التدقيق المالي الجنائي في مصرف لبنان، وخُتم المقال بالعبارة التالية: “لا يلمس أحد مصرف لبنان، صندوق باندورا للنظام اللبناني”.
فما هو “صندوق باندورا” الميثولوجيا الأغريقية هذا؟
تقول الأسطورة الأغريقية القديمة أن باندورا كانت أول امرأة على وجه الأرض، حيث وضع زيوس (زعيم الآلهة) خطة للإنتقام من بروميثيوس (الجبار الذي يساعد البشر) وقرر خلق امرأة جميلة. فاستدعى إلهة الجمال أفروديت وطلب من زوجها هفستوس (إله الحرفة المبدعة) بأن يصنعها له ، فصنع هفستوس تمثال امرأة جميلة جداً شبيهة ب أفروديت التي كانت أمامه، واستخدم لذلك الماء وتربة الأرض وأسماها «باندورا» .
وعندئذ منحت الآلهة لباندورا هذه عدّة هبات: فقامت أثينا بإلباسها، و أفروديت أعطتها الجمال، وهرمز منحها النطق والحديث، ونفخ فيها زيوس روح الحياة ، وأرسلها إلى الأرض.
وسبب إنتقام زيوس من بروميثيوس الذي كان من الجبابرة الذين يحبون البشر يعود إلى القصة التالية:
كان بروميثيوس يساعد البشر بكل ما في وسعه، ولما رآهم يرتجفون من البرد في الليل القارس ويأكلون اللحم نيئاً عرف بأنهم بحاجة إلى نار، لكن الآلهة لم تسمح للإنسان بامتلاك النار لأنه قد يسيء استخدامها وينشر الدمار بواسطتها.
لكن بروميثيوس كان متأكداً بأن الرجل الصالح سيتغلب على الأمور السيئة، وينتفع من النار من أجل الخير، ولهذا قام بروميثيوس بسرقة النار من الآلهة ليعطيها للإنسان، فقرر زيوس معاقبة بروميثيوس على فعلته بدهاء ، وقرر خلق باندورا الجميلة.
وعند مجيئ باندورا رغب بروميثيوس بها لكنّه رفضها، لأنه كان يعلم بأنها لا بد أن تكون حيلة من الآلهة. فحينها غضب زيوس وعاقب بروميثيوس، فقيّده بالسلاسل على صخرة كبيرة، وكان يأتي إليه طائر العقاب يومياً ليتغذى على لحمه.
ولكن إبيميثيوس شقيق بروميثيوس قبل باندورا لتكون زوجةً له، وهو كان رجلاً وحيداً ولطيفاً. وبعد أن تزوّجا أُعطيت لـباندورا آنية جميلة، وتعليمات بأن لا تقوم بفتحها مطلقاً وتحت أي ظرف.
وبدافع الفضول انتهزت باندورا فرصة نوم زوجها وفتحت الآنية، فانطلق منها كل الشر الذي كانت تحويه، من كراهية وحسد ومرض وكل سيء لم يعرفه البشر من قبل، ليعمّ الأرض كلّها. ولما سارعت باندورا إلى إغلاق الآنية، كانت جميع محتوياتها قد تحررت منها، إلا شيء واحد بقي في قعرها، وهو روح الأمل، واسمه إلبيس، ثم شعرت باندورا بحزن شديد لما فعلته ، وخشيت أن تواجه عقاب زيوس لأنها لم تلتزم بوعدها له وبواجبها. ومع ذلك لم يقم ملك الآلهة بمعاقبتها لأنه كان يعلم بما سيحصل معها.
فهل يفتح «باندورا» لبنان صندوق مصرف المركزي، ويقضي على ما تبقّى من حفنة أموال للمودعين ويقتل آخر أمل بالإنقاذ؟.