لحظة تأمل : لاشك ان الاعلام أحد الأدوات المشكلة لوجدان المجتمع وتوجهاته وهناك علاقة مباشرة بين الديمقراطية وحرية الاعلام لأن الأخير فيما أعتقد مرآة للممارسة الديمقراطية ولذلك من أهم واجبات النظم الشمولية السيطرة على الاعلام ليصبح دعاية أكثر منه اعلامًا وأكبر مثال على ما نقول دور الاعلام فى المانيا النازية فقد استطاع ادولف هتلر فى ظل اعلام بدائى ان يوجهه لخدمة أهداف بعينها من أهمها حماية نظامه من السقوط
أما اليوم فقد أصبح الاعلام أكثر انتشارًا وتأثيرًا واستيعابًا لميول ورغبات المتلقى ونحن فى مصر لدينا آلة اعلامية كانت موجهة بصورة أو بأخرى حتى قيام ثورة 25 يناير حيث نجد اعلامًا مملوكًا للدولة واعلامًا خاصًا وكلاهما كان يتم توجيهه.
وبعد الثورة اكتشف الاعلاميون ان امامهم فرصة ذهبية لصياغة اعلام قوى متحرر من السيطرة الحكومة لأنه بعد سقوط حكم مبارك كان لابد للاعلام الرسمى ان يقف على ارضية صلبة ولا تحكمه أياد مرتعشة مرتبطة بالنظام أو الحزب الحاكم بعبارة أخرى نحن نريد اعلام شعب ولا نريد اعلامًا حكوميًا.
واعتقد ان الفترة من ابريل 2011 حتى 30 يونية 2012 رغم قسوة الأحداث ومنها أحداث ماسبيرو ومجلس الوزراء وشارع محمد محمود واستاد بورسعيد إلا اننى استطيع القول إن إدارة تغطية الاحداث بالاعلام الرسمى فى ذلك الوقت كانت تتم فى اطار من الموضوعية والتوازن لأن كل ألوان الطيف السياسى من أقصى اليمين إلى اقصى اليسار كانت تقبل بالانتقال السلمى إلى العملية الديمقراطية بمن فيهم ممثلو الاسلام السياسى.
وأهم انجاز تم فى فبراير 2012 هو خروج قناة صوت الشعب بفكرة مبتكرة تنقل على الهواء للمشاهد جلسات البرلمان وكان يمكن ان تصبح هذه القناة الأكثر جاذبية ومشاهدة بين كل القنوات الإخبارية العامة والخاصة فى حال توفر الامكانات التقنية والبشرية والمالية التى تساعد على تحقيق هذا الهدف لانها استندت إلى تقديم الأداء البرلمانى لنواب الشعب بلا رتوش.
ولكن حل مجلس الشعب أدى إلى وجود تأثيرات سلبية على صوت الشعب خاصة ان مجلس الشورى لم يكن بنفس بريق أو اداء المجلس المنحل وانتهى الأمر إلى فقدان الهدف من انشائها وللتاريخ ان اللواء أحمد أنيس هو الذى أخرج بشجاعة تحسب له هذه القناة إلى النور.
واقتربنا من تاريخ 30 يونية 2012 وفاز د. محمد مرسى بسباق رئاسة الجمهورية وكانت المشكلة بالنسبة للوافد الجديد إلى قصر الاتحادية ان الممسكين بخيوط الاعلام الرسمى ليسوا من التيار الذى ينتمى له مرسى الأمر الذى أدى إلى وقوع مواجهة بين الحفاظ على المكتسبات التى حققها الاعلام بعد ثورة يناير وما يريده نظام حكم الإخوان من سيطرة كاملة على الاعلام الرسمى فى اتجاه أكثر حساسية تمثل فى الضجر والغضب من أى نقد يوجه للإخوان وانعكس ذلك فى عدم الثقة بقيادات الاعلام إلى حد اتهام الجميع بالخيانة وتفسير المهنية على انها الدفاع عن سلطة مرسى ونظام الإخوان لدرجة انى ذات يوم قلت لأحدهم ان عهد مبارك لم يكن يفعل ما تفعلونه فرد على قائلاً: (وهل كنتم تجرأون على فعل ذلك أيام مبارك؟).
وخلال الأشهر السابقة لقيام ثورة 30 يونية أصابت الإخوان حالة من التوتر الشديد إلى حد العصبية الأمر الذى أوقعهم جميعًا فى سوء تقدير للموقف الذى انتهى بنجاح الثورة لاسيما فى الفترة من 30 يونية إلى 3 يوليو 2013