نظرة تأمل :تعتبر قراءة التاريخ من الامور المفيدة في فهم الحاضر واستشراف المستقبل لانه احيانا نشهد احداثا ونعيش وقائع ونلتقي شخصيات تشبه جملا وفصولا تاريخية سطرت من قبل في الزمن البعيد او المنظور وما نشهدة في منطقتنا العربية منذ تسعينات القرن الماضي من احداث تتعلق بمحاولة تقسيم دول او تفكيك بلاد انما تذكرنا باتفاقية (سايكس بيكو ) التي وقعت عام 1916 وهي مذكرة تفاهم سرية بين بريطانيا وفرنسا تمت بمعرفة ديبلوماسيين اثنين من البلدين عرفت باسمهما باتفاق ضمني مع الامبراطورية الروسية لتقسيم النفوذ بمنطقة الهلال الخصيب ( العراق والشام ) بعد سقوط الامبراطورية العثمانية ونلاحظ ان هذه الاتفاقية كانت تهدف تكريس مبدا التجزأة في العالم العربي حتى يتم القضاء على الفكر القومي الوحدوي الذي يهدف بالاساس الحد من المد الاستعماري بالمنطقة ومن ثم القضاء علية ان الهيمنة وبسط النفوذ كانت وستظل من الاهداف الاستراتيجية للدول الكبرى التي كانت من قبل توصف بالاستعمارية بالاضافة الى الولايات المتحدة التي اتفقت مدارس العلوم السياسية على وصفها بالاستعمار الجديد واستخدمت هذه الدول غالبا سلاح المعونات وسيلة لتحقيق اهداف سياساتها الخارجية كما استخدمت القوة العسكرية احيانا لتحقيق الاهداف نفسها مثلما حدث في غزو افغانستان والعراق ولكن دفعت فواتير باهظة سعت الى تحميلها على اقتصادات دول المنطقة مثل حرب الخليج الثانيه وفكرت في وسيلة اخرى تحقق بها اهدافها دون اي خسارة او اعباء تمثلت في استخدام الدول نفسها لانجاز الاهداف المطلوبه ولذلك لم يكن غريبا وقوفها الى جانب ثورات الربيع العربي في تونس ومصر وليبيا واليمن وسوريا رغم ان كثيرا من انظمة هذه الدول من الحلفاء المقربين للولايات المتحدة امثال حسني مبارك بمصر وبن علي بتونس وعبد الله صالح باليمن لانها اكشفت ضعف هذه الدول في تحقيق اهدافها قتم الالتفاف على شعوبها وقد اكدت تطورات الاحداث في دول المنطقة وبصفة خاصة مصر ان الانقسام ومن ثم التقسيم هو المطلوب فقد حرصت واشنطن الا يكون لثورة يناير قيادة واضحة لتظل حالة اسموها بالفوضى الخلاقة لا تقود الى اي استقرار وتم التحالف مع تنظيم الاخوان ليشكل ظهيرا للسياسة الامريكية و لكن الولايات المتحدة وقعت في خطأ عدم ادراك هشاشة النظام السابق والا تخلت عنه مثلما فعلت مع نظام مبارك !! واتضح سوء التقدير الامريكي بعد قيام ثورة 30 يونية عندما غضت واشنطن الطرف عن ارادة الجماهير مظنة منها ان رفض الثورة المصرية سيكرس التحالف مع تنظيم الاخوان حتى ولو كان خارج السلطة وذلك سيؤدي بالتبعية الى تعميق حدة الانقسام في المجتمع وبالتالي تفكيك الدولة المصرية وهذا ما يمكن تسميته اتفاقية ( سايكس بيكو ) الجديده !! وجاءت مواقف الجانب الاوروبي واسرائيل متسقة مع الموقف الامريكي خاصة الاحداث في مصر وفي تصوري ان هذا التفاهم الغربي الجديد اخطر من القديم لانه يطبق عن طريق القوى السياسية داخل المجتمع ذاته في محاولة لجر مصرمثلا الى سيناريو شبيه بالسيناريو السوري الان اوعلى الاقل السيناريو العراقي بعد رحيل صدام حسين ويجري التعامل مع بقية دول المنطقة بالاسلوب نفسه لاعادة توزيع السيطرة وتتم الاستعانة بدول من المنطقة نفسها لتنفيذ مخطط التجزأة او التفكيك امثال قطر وتركيا وبالطبع اسرائيل واعتقد ان الموقف على النحو الموضح يحتاج الى تحرك عربي على المستويين الاقليمي والدولي لكشف ابعاد المخطط من جهة و تفويت فرصة الاستفادة من حالة عدم الاستقرار بكثير من الدول العربية من جهة اخرى وهذا مرتبط الى حد كبير بتفعيل واقعي لدور التنظيم الاقليمي العربي المتمثل في جامعة الدول العربية !