تحدثنا في الحلقتين السابقتين عن طريقة المُتشدد في الإعتقاد و ونظرته للإسلام وقُمنا بتوضيح الصورة الصحيحة عن فكرة الإسلام وطرق الإعتقاد
في الحلقة الثالثة من ( الإسلام الذي لا يعرفهُ المُتشددون )
سنقوم بتوضيح ” ماهية الإسلام وعالمية رسالته وجوهره ”
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الإسلام هو الدين الذي أُنزل على سيدنا مُحمد عليه الصلاة السلام ، وهو خاتم الرسالات السماوية , يدور حول إخلاص العبادة لله وحده , والإستسلام بالتوحيد لذاته المُقدسة , والإنقياد لهُ بالطاعة ولنبيه بالإستماع والتنفيذ فيما يخُص الآمور الفرضية , يُرثي مبادئ المشاورة , ويُعلي من قيمة العقل .
ويُعد أهم ما يُميز الإسلام حقاً هو عالمية رسالته ومُناسبتها لجميع الظروف والآزمنة , فالعالمية هي طموح الارتقاء إلى مستوى عالمي وهذا ما وضحهُ القُرآن الكريم في أكثر من موضع “وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين”، “وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيراً ونذيرا” ، لكن مع مُلاحظة هامة وهيا أن الإسلام ليس دينُ حربِ وعُنف ولم ينتشر بالسلاح بل إنتشر بالتسامح والموده , فعاش الجميع أخوة مُتحابين وأعلي قيمة المواطنة فقال تعالي ” لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي “، وقال أيضاً ” أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين ” .
ومما سبق يجب أن نُلاحظ أن عالمية رسالة الإسلام لم تجعلهُ يرفُض فكرة الإختلافات بين الأُمم والآزمنة , فالإسلام يؤمن بأن لكل أُمةٍ وزمان خصوصيته وطرق التعامُلِ معها .
فمنذُ فجر الإسلام كان حول الرسول الكريم بلال الحبشي وصهيب الرومي وسلمان الفارسي, وكل هؤلاء ليسوا بعرب.
في حين أن إطار التشدُد الموجود حالياً يقوم على إقصاء الطرف الآخر وعدم قبول ثقافته و إتهامه بالكفر والزندقه والخروج من الملة ,وهو ما يُخالف سماحة الدين وجوهره ، الذي يقوم علي تقبل التبادل بين الثقافات , تقبل الآخر ولا تعمل على إقصائه ، فخصائص الإسلام عالمية مُتسامحه تنطلق مما يلي:
* الخلود، وخلود الإسلام هو استمرار بقائه وامتداد رسالته، ودعوته ما دامت البشرية تواصل حياتها على سطح هذه الأرض. وسر الخلود يكمن في:
1- السعة وشموله للمبادئ والضوابط ، التي تظهر في العقيدة والقوانين والنُظم والأفكار والمفاهيم الإيمانية والحضارية.
2- الاجتهاد حسب كُل زمان ومكان في إطار الضوابط والمبادئ التى وضعها الإسلام ، وهي تعني إستنباط الأحكام والقوانين والمفاهيم والأفكار من القُرآن والسُنة وأراء العُلماء وأخذ ما يُناسب الزمان والمكان من ناحية الأيسر فقد ورد عن النبي: احبُ الدين الى الله الحنيفية السمحة .
* اليسر والسهولة , فالتكليف بمستوى القُدرة، فليس في الشريعة الإسلامية تكليفاً فوق طاقة الإنسان فكل العبادات في الصوم والصلاة والزكاة والحج والجهاد في سبيل الله كلها وضعت بمستوى طاقة الإنسان واستطاعته قال تعالى ” لا يكلف الله نفساً إلا وسعها ” .
* الإنسانية , فالإسلام ينظر للناس جميعاً بأنهم من أصل واحد متساوون في الإنسانية ولا فضل لأحد على أحد إلا بالتقوى وبالعلم وبذلك قال تعالى “يا أيها الناس إن خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم” وفي الحديث الصحيح عن الرسول الكريم ” لا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى” .
* العقلانية , فرسالة الإسلام تقوم على أساس قناعة العقل والتوافق مع منطقهِ وإقناعه بالحُجة والدليل والبرهان وبذلك قال تعالى ” وتلك الأمثال نضربُها للناس وما يعقلُها إلا العالمون” . , فلهذه العقلانية الإسلامية و القرآن ورسالة العقل لهي انتصار للإسلام وليست الثورة عليه , وكما قال جمهور العلماء “ما عُرف الله إلا بالعقل، ولا أطيع إلا بالعلم” , إن العقل ملكة وغريزة ونور وفهم وبصيرة وهبها الله للإنسان ولذلك فهو ليس عضوًا ولا حاسة من الحواس أي أن وجوده في الأذهان لا الأعيان وهو المستوي الأعلى في الإدراك لما فوق الحواس .
* الإعتدال والوسطية ,, فالوسطية والإعتدال ليست معنىً مجرداً بل سلوك ينبغي المضي فيه والعيش به قال تعالى ” وكذلك جعلناكم أمةً وسطاً لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيداً ” والوسطية في كل شيء حتى في العبادة وعمل توازن بين الدنيا والدين فقال تعالى ” وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنسى نصيبك من الدنيا واحسن كما احسن الله إليك ” , والوسطية تدعو إلي العيش في أمان و اطمئنان , والوحدة والإئتلاف بين المُسلمين وجميع طوائف المُجتمع , كما أنها تُظهر المعني الحقيقي للإسلام بالصورة المُشرفة التى تليقُ به , فلابد أن تكون أسلوباً للحياة وليس فقط مُجرد شعارات يرددها المُستغلون على شاشات قنواتهم .
وإذا كانت تلك هيا ماهية الإسلام وجوهره السمح , فكيف هيا علاقة الإسلام بالدولة !!
تابعونا في الحلقة القادمة ” الدين والدولة “
رابط الحقة الأولى ” المتطرف وطريقته فى الاعتقاد ” http://a7walmasr.com/show-5810.html
رابط الحلقة الثانية ” ماهية الإسلام ” http://a7walmasr.com/show-5946.html